للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اكْتَرَيْت مِنْ الرَّجُلِ عَبْدًا عَشْرَ سِنِينَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.

قُلْتُ: فَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَاهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَشْرَ سِنِينَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْعَبِيدِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِمَا فِي الْحَيَوَان مِنْ الْحَوَالَةِ وَالنَّقْصِ، وَهُوَ فِي الدَّوَابِّ أَبْيَنُ غَرَرًا وَالدَّوَابُّ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا الْأَمَدَ الْبَعِيدَ لِاخْتِلَافِ حَالِهَا وَهِيَ دُونَ الرَّقِيقِ وَشَيْءٌ آمَنُ مِنْ شَيْءٍ.

[الْمُسْلِمِ يُؤْجِرُ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ]

فِي الْمُسْلِمِ يُؤْجِرُ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا اسْتَأْجَرَ مُسْلِمًا لِيَخْدِمَهُ أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمُسْلِمِ يَأْخُذُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَالًا قِرَاضًا فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَا أَرَى مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ وَجْهِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرَهُ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَحْرُسَ لَهُ هَذَا الْمُسْلِمُ زَيْتُونَهُ أَوْ يَحْرُثَ لَهُ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ بُنْيَانًا؟ قَالَ: أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ فِي خِدْمَةِ هَذَا النَّصْرَانِيِّ.

[آجَرْتُ عَبْدًا فِي الْخِيَاطَةِ أَوْ آجَرْتُ نَفْسِي فِي الْخِيَاطَةِ فَأَرَدْتُ أَنْ أُحَوِّلَ إجَارَتِي]

فِي الْأَجِيرِ يَفْسَخُ إجَارَتَهُ فِي غَيْرِهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرْت عَبْدًا فِي الْخِيَاطَةِ أَوْ آجَرْت نَفْسِي فِي الْخِيَاطَةِ شَهْرًا فَأَرَدْتُ أَنْ أُحَوِّلَ إجَارَتِي تِلْكَ فِي عَمَلِ الطِّينِ أَوْ فِي الصِّبَاغَةِ أَوْ فِي الْقِصَارَةِ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، يَكُونُ إنَّمَا آجَرَهُ نَفْسَهُ فِي الْخِيَاطَةِ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَنْ يُحَوِّلَ تِلْكَ الْإِجَارَةَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ دَيْنًا فِي دَيْنٍ، فَإِنْ كَثُرَتْ الْإِجَارَةُ حَتَّى تَصِيرَ الشَّهْرَ وَمَا أَشْبَهَهُ فَيُحَوِّلَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِالدِّينِ، فَلَا يَصْلُحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَالٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَالْمَالِ، فَإِنْ حَوَّلَهُ كَانَ كَالِئًا بِكَالِئٍ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» .

[يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ فَيُؤَاجِرَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ غَيْرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ]

فِي الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ فَيُؤَاجِرَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ غَيْرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا يَخْدُمُنِي فَآجَرْته مَنْ غَيْرِي أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ آجَرْتَهُ فِي مِثْلِ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ لَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>