للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى وَلَدِهِ فَأَوْلَادُهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ، وَاَلَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ يَوْمَ تَصَدَّقَ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ قَوْمٌ بِفَضْلِ أَثَرِهِ وَكَثْرَةِ عِيَالِهِ فِي سَعَةِ الْمَسَاكِنِ وَقُوَّةِ الْمَرَافِقِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ أَثَرَةٌ إلَّا بِتَفْضِيلِ حَقٍّ يُرَى.

سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَتْرُكُ الْمَالَ حَبْسًا عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ يَمُوتُ بَعْضُ وَلَدِهِ مِنْ صُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدٌ. قَالَ رَبِيعَةُ: إنَّ الصَّدَقَةَ وَالْحَبْسَ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ يَكُونُ قَائِمًا لَا يُبَاعُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ فَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَيَكُونُ فِي الْمَالِ فَلَا يُحْصَى، وَذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أَعْمَامِهِمْ وَيَكُونُ الْمَالُ قَلِيلًا مُسْتَوْفًى، فَتَكُونُ الْأَعْمَامُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ وَلَدِ أَخِيهِمْ، وَيَكُونُ الْعُسْرُ وَالْيُسْرُ فَيَنْظُرُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَنْ حَبَسَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ فَهِيَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ - ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ - إلَّا أَنَّ وَلَدَهُ أَوْلَى مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ مَا عَاشُوا إلَّا أَنْ يَكُونَ فَضْلٌ فَيَكُونَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَذَلِكَ حَقٌّ لِحَاجَتِهِمْ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَنْ حَبَسَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَهِيَ عَلَى مَا وَضَعَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِوَلَدِهِ قَبْلَ وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِيهَا حَقٌّ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: دَارِي حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَدْخُلُونَ مَعَ الْآبَاءِ وَيُؤْثَرُ الْآبَاءُ، وَإِنْ قَالَ: وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي. دَخَلُوا أَيْضًا وَيَبْدَأُ بِالْوَلَدِ وَكَانَ لَهُمْ الْفَضْلُ إنْ كَانَ فَضْلٌ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَكَانَ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْءٌ إذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَذِهِ الدَّارُ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي. فَهِيَ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْءٌ. قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] فَاجْتَمَعَ النَّاسُ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِي الْمِيرَاثِ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَنَاتٌ مِنْ صُلْبِهِ؛ لِأَنَّ بَنِي الْبَنِينَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ يُقْسَمُ لَهُمْ الْمِيرَاثُ وَيَحْجُبُونَ مَنْ يَحْجُبُهُ مَنْ كَانَ فَوْقَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُمْ أَحَدٌ.

وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الزِّنَادِ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ حَبْسًا مَا عَاشُوا أَلَّا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبَ وَلَا يُورَثَ.

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَهِيَ عَلَى مَا وَضَعَهَا عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَإِنْ انْقَرَضُوا صَارَتْ إلَى وُلَاةِ الَّذِي حَبَسَ وَتَصَدَّقَ.

قَالَ رَبِيعَةُ وَيَحْيَى وَابْنُ شِهَابٍ: إنَّ الْحَبْسَ إذَا رَجَعَ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى وُلَاةِ الَّذِي حَبَسَ وَتَصَدَّقَ.

[حَبَسَ دَارِهِ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَثُلُثُ يَحْمِلُهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ دَارِهِ - وَلِثُلُثٍ يَحْمِلُهَا - وَهَلَكَ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَأُمَّهُ وَوَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ؟ قَالَ: تُقْسَمُ الدَّارُ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى عَدَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ، فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَتْ الْأُمُّ مَعَهُمْ وَالزَّوْجَةُ، فَكَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ. حَتَّى إذَا مَا انْقَرَضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ رَجَعَتْ الدَّارُ كُلُّهَا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>