للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْفِ دِينَارٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ مُحَابَاةً تُعْرَفُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فِي جِرَاحَاتِ ابْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَالَحَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِوَلَدِهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِيَةِ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ عَدِيمٌ، فَرَأَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ. فَأَرَى أَنْ يَجُوزَ هَذَا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ فِي هَذَا أَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَهُ عِنْدِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ إذَا قَتَلَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ عَمْدًا، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ نُظِرَ لِلْيَتِيمِ وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ فِي الْقِصَاصِ مَنْفَعَةٌ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.

[الرَّجُلِ يَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يَهْرُبُ الْقَاتِلُ]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يَهْرُبُ الْقَاتِلُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ وَهَرَبَ، فَأَرَادَ وُلَاةُ الدَّمِ أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ، أَيُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى أَنْ يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ وَأَنْ تُوَقَّعَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَدِمَ قِيلَ لَهُ: ادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ مَا تَدْفَعُ بِهِ وَلَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي دَفَعْت دَابَّتِي إلَى صَبِيٍّ، أَوْ سِلَاحِي يُمْسِكُهُ، فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ، أَتَضْمَنُ عَاقِلَةُ الرَّجُلِ دِيَةَ الصَّبِيِّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الصَّبِيِّ يُعْطِيهِ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا لِيَسْقِيَهَا أَوْ يُمْسِكَهَا فَيَعْطَبُ الصَّبِيُّ.

قَالَ مَالِكٌ: أَرَى الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ.

قُلْتُ: أَفَتَرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلْتُ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ لِيَسْقِيَهَا أَوْ لِيُمْسِكَهَا فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ رَجُلًا فَقَتَلَتْهُ، عَلَى مَنْ دِيَتُهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ.

قُلْتُ: فَهَلْ تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ الَّذِي حَمَلَ الصَّبِيَّ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْعَقْلِ الَّذِي حَمَلَتْ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَيْنِ يَتَرَادَفَانِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ رَجُلًا بِيَدَيْهَا أَوْ بِرِجْلَيْهَا فَقَتَلَتْهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهُ عَلَى الْمُقَدَّمِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الدَّابَّةِ كَانَ مِنْ سَبَبِ الْمُؤَخَّرِ، مِثْلَ أَنْ يَكُون حَرَّكَهَا أَوْ ضَرَبَهَا، فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ بِيَدِهِ لِجَامُهَا، أَوْ يَأْتِي مِنْ سَبَبِ فِعْلِهَا أَمْرٌ يَكُونُ مِنْ الْمُؤَخَّرِ، لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ الْمُقَدَّمُ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ مِنْهُ، فَيَكُونُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ضَرَبَهَا الْمُؤَخَّرُ فَرَمَحَتْ لِضَرْبِهِ فَقَتَلَتْ إنْسَانًا. فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَمْ يُعْنِتْهَا شَيْئًا، وَلَمْ يُمْسِكْ لَهَا لِجَامًا وَلَا تَحْرِيكًا مِنْ رِجْلٍ وَلَا غَيْرِهَا فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيمَا فَعَلَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا عَلَى دَابَّتِهِ فَكَدَمَتْ إنْسَانًا فَأَعْطَبَتْهُ، أَيَكُونُ عَلَى الرَّاكِبِ شَيْءٌ أَمْ لَا. قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبًا فَتَضْرِبُ بِرِجْلِهَا رَجُلًا فَتُعْطِبُهُ. قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى الرَّاكِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرَبَهَا فَنَفَحَتْ بِرِجْلَيْهَا، فَيَكُونَ عَلَيْهِ مَا أَصَابَتْ. وَأَرَى الْفَمَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الرِّجْلِ إنْ كَدَمَتْ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>