للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الَّذِي أَخَذْنَا بِالْفَضْلِ، حَتَّى يَكُونَا فِي الْغُرْمِ سَوَاءٌ. فَإِنْ اقْتَسَمَا ذَلِكَ، ثُمَّ لَقِيَا الْبَاقِي الَّذِي أَدَّى مَعَهُمْ الْمَالَ، تَرَاجَعُوا الْفَضْلَ أَيْضًا حَتَّى يَصِيرَ مَا أُخِذَ مِنْ الثَّالِثِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ. فَإِنْ لَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا مِمَّنْ لَمْ يُؤَدِّ، فَأَخَذَهُ بِشَيْءٍ عَلَى حِسَابِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشَارِكَ فِيهِ مَنْ لَقِيَ مِنْ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَدَّيَا مَعَهُ الْمَالَ، حَتَّى يَكُونَ مَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ هَكَذَا يَفْعَلُ فِيهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ السِّتُّمِائَةِ عَلَى سِتَّةٍ، فَضَمِنُوهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ بِجَمِيعِ الْمَالِ، أَوْ عَنْ خَمْسَةٍ، أَوْ عَنْ وَاحِدٍ، أَوْ عَنْ جَمِيعِهِمْ؛ فَهَذَا أَصْلٌ وَاحِدٌ. وَكُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ السِّتِّمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْحَمَالَةِ، عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَلَا يَضُرُّهُ قَالَ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ عَنْ أَقَلَّ أَوْ عَنْ أَكْثَرَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَخُذْ هَذَا عَلَى هَذَا.

[فِي الْغَرِيمِ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ بَعْدَ حَمِيلٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِي عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ كَفِيلًا بِتِلْكَ الْأَلْفِ، ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذْتُ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ بِتِلْكَ الْأَلْفِ، أَيَكُونُ لِي أَنْ آخُذَ أَيَّهمَا شِئْت بِجَمِيعِ الْأَلْفِ إذَا أَعْدَمَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى ذَلِكَ لَهُ. وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْكَفِيلَيْنِ إذَا تَكَفَّلَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُجْعَلْ بَعْضُهُمَا كَفِيلًا عَنْ بَعْضٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمَالِهِ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ لَقِيَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ، أَيَكُونُ لِرَبِّ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ الْحَمِيلَيْنِ شَاءَ وَقَدَرَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْحَقِّ؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَحَمَّلَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا تَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ أَوَلَا تَرَى أَنَّ أَخْذَهُ الْحَمِيلَ الثَّانِيَ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ إبْرَاءٌ لِلْحَمِيلِ الْأَوَّلِ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت مَنْ فُلَانٍ كَفِيلًا بِمَالٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذْتُ مِنْهُ كَفِيلًا آخَرَ، أَتَسْقُطُ الْكَفَالَةُ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ تَسْقُطُ كُلُّهَا أَوْ يَسْقُطُ نِصْفُهَا؟ قَالَ: لَا يَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي، وَهُمَا جَمِيعًا كَفِيلَانِ: كُلُّ وَاحِدٍ بِالْجَمِيعِ.

[بَابٌ فِي الْحَمِيلِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَمِيلُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلَ لِي رَجُلٌ بِحَقٍّ عَلَى رَجُلٍ، فَأَخَذْتُ مَنْ الْكَفِيلِ كَفِيلًا آخَرَ، أَيَلْزَمُ كَفِيلَ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ.

قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ، وَتَحَمَّلَ آخَرُ بِنَفْسِ الْحَمِيلِ، أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِصَاحِبِهِ فَهُوَ جَائِزٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>