للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلُ يُدِيرُ مَالَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ إنَّمَا يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ، فَهَذَا لَا يُقَوِّمُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا زَكَاةَ وَلَا تَقْوِيمَ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ بَعْضُ مَالِهِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ الْعَرَضَ وَالْعَيْنَ فَذَلِكَ الَّذِي يُقَوِّمُ.

قَالَ سَحْنُونٌ، وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي لَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ إنَّمَا يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ يُدِيرُ مَالَهُ لِلتِّجَارَةِ فَحَالَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ لَا يَنِضُّ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ بَاعَ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ نَاضٍّ؟ فَقَالَ: إذَا نَضَّ مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْعُرُوضِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا، فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُقَوِّمُ الْعَرَضَ مَكَانَهُ حِينَ نَضَّ هَذَا الدِّرْهَمُ فَيُزَكِّيهِ كُلَّهُ. وَيَسْتَقْبِلُ الزَّكَاةَ مِنْ ذِي قَبْلٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَتَتْ السَّنَةُ مِنْ ذِي قَبْلٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ النَّاضِّ شَيْءٌ، وَمَالُهُ كُلُّهُ فِي الْعَرَضِ وَقَدْ كَانَ فِي وَسَطِ السَّنَةِ وَفِي أَوَّلِهَا وَفِي آخِرِهَا قَدْ كَانَ يَنِضُّ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا حَالَ الْحَوْلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ النَّاضِّ شَيْءٌ فَكَانَ جَمِيعُ مَا فِي يَدَيْهِ عَرَضًا؟

قَالَ: يُقَوِّمُ وَيُزَكِّي؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ كَانَ يَبِيعُ فِي سَنَتِهِ بِالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ.

قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ بَاعَ مِنْ ذِي قَبْلٍ بِالْعَرَضِ وَلَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى أَتَى الْحَوْلُ وَجَمِيعُ مَا عِنْدَهُ عَرَضٌ، أَيُقَوِّمُ؟ فَقَالَ: لَا يُقَوِّمُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ فِي سَنَتِهِ هَذِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ رَجُلٌ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ فَلَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ وَلَا زَكَاةَ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ مِمَّا فِي يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْ يَوْمِ زَكَّى إلَى أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ مِنْ ذِي قَبْلٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَنَضَّ لَهُ وَإِنْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ زَكَّاهُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَيَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي زَكَّى فِيهِ وَقْتَهُ، وَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا مِنْ ذِي قَبْلٍ وَيُلْغِي الْوَقْتَ الْأَوَّلَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: لَا يُقَوِّمُ عَلَى مَنْ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ عَنْ أَبِيهِ حِمَاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الْجُلُودَ وَالْقُرُونَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اشْتَرَى مِثْلَهَا، فَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ أَبَدًا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ جُلُودٌ يَحْمِلُهَا لِلْبَيْعِ، فَقَالَ لَهُ: زَكِّ مَالَك يَا حِمَاسُ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَقَالَ: قَوِّمْ مَالَك، فَقَوَّمَ مَا عِنْدَهُ ثُمَّ أَدَّى زَكَاتَهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ.

قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: إنَّمَا هَذَا لِلَّذِي يُدِيرُ مَالَهُ فَلَوْ أَنَّهُ كَانَ لَا يُقَوِّمُ مَالَهُ لَمْ يُزَكِّ أَبَدًا، وَأَمَّا الَّذِي تَكْسُدُ سِلْعَتُهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: يَعْنِي حَتَّى يَبِيعَ، وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

[زَكَاةُ الْقَرْضِ وَجَمِيعِ الدَّيْنِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَقْرَضْت رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاتُهَا وَلَمْ أُخْرِجْ زَكَاتَهَا حَتَّى أَقْرَضْتهَا، فَمَكَثَتْ عِنْدَ الَّذِي أَقْرَضْتهَا إيَّاهُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ رَدَّهَا مَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ مَنْ زَكَاتِهَا؟ فَقَالَ: زَكَاةُ عَامَيْنِ، وَهِيَ الزَّكَاةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْكَ وَزَكَاةُ عَامٍ بَعْدَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>