[وَلَاء الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يُعْتِقُهُ الْمُسْلِمُ وَجِنَايَتُهُ]
فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يُعْتِقُهُ الْمُسْلِمُ وَجِنَايَتُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَجَرَّ الْمُعْتَقُ النَّصْرَانِيُّ جَرِيرَةً أَيَعْقِلُ عَنْهُ هَذَا الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ قَوْمُ الَّذِي أَعْتَقَهُ جَرِيرَتَهُ.
قُلْتُ فَعَلَى مَنْ عَقْلُهُ؟
قَالَ: أَرَاهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ عَلَى النَّصْرَانِيِّ إذَا أَعْتَقَهُ الْمُسْلِمُ جِزْيَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَمِيرَاثُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ يَرِثُونَهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مَالِكٌ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ، لَمْ يَحْمِلْ عَنْهُ أَهْلُ الْجِزْيَةِ جَرِيرَتَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ ذِمَّةٌ، وَلَا يَجْعَلُ مَالِكٌ مِيرَاثَهُ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ فَتَكُونُ جَرِيرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا جَرِيرَتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَهُ كَانَ الْعَقْلُ عَلَى الَّذِي قَتَلَهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَقْلُ عَلَى قَوْمِ الْقَاتِلِ إنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَ وَاحِدٍ ذَكَرَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَتُوُفِّيَ قَالَ إسْمَاعِيلُ: فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ آخُذَ مِيرَاثَهُ فَأَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهُ الْمَوْلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ. أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا إلَّا الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ وَلَا يَرِثُونَا.
[وَلَاء الْعَبْدِ يُعْتِقُهُ الْقُرَشِيُّ وَالْقَيْسِيُّ وَجِنَايَتُهُ وَإِلَى مَنْ يَنْتَمِي]
فِي وَلَاءِ الْعَبْدِ يُعْتِقُهُ الْقُرَشِيُّ وَالْقَيْسِيُّ وَجِنَايَتُهُ وَإِلَى مَنْ يَنْتَمِي قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَآخَرَ مِنْ قَيْسٍ أَعْتَقَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةَ قَتْلٍ خَطَأً يَكُونُ نِصْفُ الْعَقْلِ عَلَى قُرَيْشٍ وَنِصْفُ الْعَقْلِ عَلَى قَيْسٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ قَوْمًا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ خَطَئًا وَهُمْ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى فَإِنَّ الْعَقْلَ عَلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْقَبَائِلِ، فَكَذَلِكَ هَذَا الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَقْلُ جِنَايَتِهِ عَلَى قُرَيْشٍ وَقَيْسٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ كَيْفَ يُكْتَبُ شَهَادَتُهُ أَيُكْتَبُ الْقُرَشِيُّ أَوْ الْقَيْسِيُّ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُكْتَبُ مَوْلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقُرَشِيِّ وَمَوْلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَيْسِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute