لِرَجُلٍ، وَالنَّخْلُ الْمُوصَى بِهَا، مِثْلُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ فِي الْمُدَبَّرِ، إنْ خَرَجَتْ النَّخْلُ وَثَمَرُهَا الْمَوْقُوفُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ لِرَجُلٍ وَكَسْبُهُ الْمَوْقُوفُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَ رَقَبَتِهِ وَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ مَعَ رِقَابِ النَّخْلِ، فَإِنْ خَرَجَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ نِصْفُ ذَلِكَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِهِ نِصْفُ ذَلِكَ، فَلِلْمُوَصَّى لَهُ بِهِ نِصْفُ النَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَيَبْقَى الْمَالُ مَوْقُوفًا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِلشَّرِكَةِ الَّتِي فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ، فَخُذْ هَذَا الْبَابَ عَلَى هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، هُوَ أَعْدَلُ أَقَاوِيلِ أَصْحَابِنَا.
[أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ بَغْلَة دَاره فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَيَلِي تَفْرِقَتَهَا وَيُوصِي]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: غَلَّةُ دَارِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ، وَأَنَا أُفَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ وَهِيَ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ يَوْمَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ. وَقَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ مَنْ بَعْدِي مِنْ وَرَثَتِي أَنْ يَرُدَّهَا فَهِيَ وَصِيَّةٌ مَنْ ثُلُثِي تُبَاعُ فَيُعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنَهَا؟
قَالَ: ذَلِكَ نَافِذٌ وَلَوْ قَالَ هِيَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِي الَّتِي أَنَا قَسَمْتُهَا، فَإِنْ مِتُّ فَرَدَّ ذَلِكَ وَرَثَتِي، بِيعَتْ وَتُصُدِّقَ مِنْ ثُلُثِي بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، لَمْ يَنْفُذْ وَكَانَتْ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي فَيَقُولُ: غُلَامِي هَذَا لِفُلَانٍ ابْنِي - وَلَهُ وَلَدٌ غَيْرُهُ - فَإِنْ لَمْ يُنَفِّذُوا ذَلِكَ لَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يُنَفِّذُوهُ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ، وَهُوَ مِيرَاثٌ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَتِي أَنْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِي كَانَ ذَلِكَ، كَمَا أَوْصَى إلَّا أَنْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِهِ، فَاشْتِرَاطُ الصَّحِيحِ مِثْلُ هَذَا مَا أَقَرَّهُ فِي يَدَيْهِ لِوَرَثَتِهِ مِثْلَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَا يَجُوزُ. وَمَا اشْتَرَطَ لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ هُمْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ فَهُوَ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ وَصِيَّةٌ. قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِوَارِثٍ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ: إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الضَّرَرُ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ وَلَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: دَارِي أَوْ فَرَسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَتِي أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ لِابْنِي فُلَانٍ: فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيُنَفَّذُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إنْ لَمْ يُنَفِّذُوهُ لِابْنِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ.
[فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى]
قُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: لِفُلَانٍ ثَلَاثُونَ دِينَارًا، ثُمَّ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ - لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - أَيَضْرِبُ بِالثُّلُثِ وَبِالثَّلَاثِينَ مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: يَضْرِبُ بِالْأَكْثَرِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِفُلَانٍ دَارٌ مِنْ دُورِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لِفُلَانٍ - لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ - مِنْ دُورِي عَشْرَةُ دُورٍ، وَلِلْمَيِّتِ عِشْرُونَ دَارًا؟
قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute