للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّ مَا سَلِمَ بَطْنٌ مِنْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُعْطِيهِ مَا يَنُوبُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ نَقْدًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا خَالَفَ كِرَاءُ الْأَرْضِ الَّتِي تُسْقَى مِنْ مَاءِ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْمَطَرِ كِرَاءَ الدُّورِ وَالْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الدُّورَ وَالْإِبِلَ إذَا تَشَاحُّوا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ يُحْمَلُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّمَا يُعْطِيهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ فِي الدَّارِ أَوْ سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ عَلَى الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ مَاتَتْ الْإِبِلُ كَانَ الْمُتَكَارِي قَدْ أَخَذَ بَعْضَ كَرَائِهِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تُسْقَى إنْ انْقَطَعَ مَاؤُهَا أَوْ احْتَبَسَتْ عَنْهَا السَّمَاءُ فَهَلَكَ زَرْعُ الْمُتَكَارِي لَمْ يَكُنْ قَابِضًا لِشَيْءٍ مِمَّا اكْتَرَى مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْكِرَاءِ فَمِنْ هُنَا لَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُتَكَارِي كِرَاءً حَتَّى يَتِمَّ بَطْنٌ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعُيُونِ الْمَأْمُونَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَدَهُ الْكِرَاءَ ثُمَّ قَحَطَتْ أَرْضُهُ مِنْ الْمَاءِ أَتْبَعَهُ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَجِدُ عِنْدَهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالدُّورُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ النَّقْدِ رَبُّ الْإِبِلِ وَالدُّورِ مَا لَمْ يَسْكُنْ الْمُتَكَارِي أَوْ يَرْكَبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَابِضًا لِمَا سَكَنَ أَوْ سَارَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْبَعِيرُ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ صَارَ لِطَلَبِهِ بِهِ دَيْنًا.

[الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ الْغَرِقَةَ وَالنَّقْدَ فِي ذَلِكَ]

فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ الْغَرِقَةَ وَالنَّقْدَ فِي ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُهُ أَرْضِي هَذِهِ، وَهِيَ غَرِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْهَا فَهِيَ لَهُ بِمَا سَمَّيْنَا مِنْ الْكِرَاءِ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَاءُ فَلَا كِرَاءَ بَيْنَنَا؟

قَالَ: هَذَا جَائِزٌ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ، فَإِنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ لَمْ يَصْلُحْ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَأْمُونٍ؛ لِأَنَّهَا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ غَرِقَةٌ يُخَافُ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَنْكَشِفَ الْمَاءُ عَنْهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا لَا يُشَكُّ فِي انْكِشَافِ الْمَاءِ عَنْهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا خِيفَ أَنْ لَا يَنْكَشِفَ الْمَاءُ عَنْهَا لَمْ يَجُزْ أَيْضًا بِغَيْرِ نَقْدٍ لِمَا أَعْلَمْتُكَ مِمَّا يَمْنَعُ بِهِ الرَّجُلُ مِلْكَهُ.

[إلْزَامِ مُكْتَرِي الْأَرْضِ الْكِرَاءَ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ]

فِي إلْزَامِ مُكْتَرِي الْأَرْضِ الْكِرَاءَ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا أَوْ دَارًا كِرَاءً فَاسِدًا فَلَمْ أَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَمْ أَسْكُنْ الدَّارَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ إلَّا أَنِّي قَدْ قَبَضْتُ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ أَيَكُونُ عَلَيَّ الْكِرَاءُ لِصَاحِبِهِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يَلْزَمُكَ كِرَاءُ مِثْلِ الدَّارِ، وَكِرَاءُ مِثْلِ الْأَرْضِ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّكَ حِينَ قَبَضْتَ ذَلِكَ فَقَدْ لَزِمَكَ الْكِرَاءُ وَإِنْ لَمْ تَزْرَعْ، وَإِنْ لَمْ تَسْكُنْ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إذَا اكْتَرَيْتَهَا كِرَاءً فَاسِدًا فَاحْتَبَسْتَهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَقْبِضْ الْأَرْضَ وَلَا الدَّارَ وَلَا الدَّابَّةَ مِنْ صَاحِبِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ شَيْءٌ؟

قَالَ: نَعَمْ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>