[الْحَبْسِ عَلَى الْوَلَدِ وَإِخْرَاجِ الْبَنَاتِ وَإِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ]
فِي الْحَبْسِ عَلَى الْوَلَدِ وَإِخْرَاجِ الْبَنَاتِ وَإِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَسْمِ الْحَبْسِ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ: حَبَسَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ دُورَهُمْ. وَأَخْبَرَنِي غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلَهُ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَالَ فِي صَدَقَتِهِ عَلَى بَنِيهِ: لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ، وَأَنَّ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَارٍّ بِهَا. وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ عِيَاضٍ ذَكَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يَفْحَصَ لَهُ عَنْ الصَّدَقَاتِ وَكَيْفَ كَانَتْ أَوَّلَ مَا كَانَتْ، قَالَ: فَكَتَبْتُ إلَيْهِ أَذْكُرُ لَهُ صَدَقَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي طَلْحَةَ وَأَبِي الدَّحْدَاحَةِ، وَكَتَبْتُ إلَيْهِ أَذْكُرُ لَهُ أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَكَرَتْ لِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إذَا ذَكَرَتْ صَدَقَاتِ النَّاسِ الْيَوْمَ وَإِخْرَاجَ الرِّجَالِ بَنَاتِهِمْ مِنْهَا تَقُولُ: مَا وَجَدْتُ لِلنَّاسِ مَثَلًا الْيَوْمَ فِي صَدَقَاتِهِمْ إلَّا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ} [الأنعام: ١٣٩] سُورَةُ الْأَنْعَامِ قَالَتْ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَيَتَصَدَّقُ الرَّجُلُ بِالصَّدَقَةِ الْعَظِيمَةِ عَلَى ابْنَتِهِ فَتَرَى غَضَارَة صَدَقَتِهِ عَلَيْهَا وَتَرَى ابْنَتُهُ الْأُخْرَى، وَإِنَّهُ لِيُعْرَف عَلَيْهَا الْخَصَاصَةُ لَمَّا أَبُوهَا أَخْرَجَهَا مِنْ صَدَقَتِهِ. وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَاتَ حِين مَاتَ وَإِنَّهُ لَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّ صَدَقَاتِ النَّاسِ الَّتِي أَخْرَجُوا مِنْهَا النِّسَاءَ. وَإِنَّ مَالِكًا ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَبَسَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا دُورًا، وَإِنَّهُمَا سَكَنَا فِي بَعْضِهَا. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّدَقَاتِ فِيمَا مَضَى إنَّمَا كَانَتْ عَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ حَتَّى أَحْدَثَ النَّاسُ إخْرَاجَ الْبَنَاتِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَزْمِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخْرَجُوا مِنْهَا الْبَنَاتِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الصَّدَقَاتِ كَانَتْ عَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ.
. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ دَارًا فَسَكَنَهَا بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَجِدْ بَعْضُهُمْ فِيهَا مَسْكَنًا، فَيَقُولُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِنْهُمْ مَسْكَنًا أَعْطُونِي مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ حَقِّي قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ وَلَا أَرَى أَنْ يَخْرُجَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، وَلَكِنْ إنْ غَابَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ مَاتَ سَكَنَ فِيهِ، وَهَكَذَا حَبَسَ ابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ وَلَا يُعْطَى مَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا كِرَاءً.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ غَابَ أَحَدٌ أَيْ إنْ كَانَ يُرِيدُ الْمُقَامَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غَابَ إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى مَوْضِعٍ لِيَرْجِعَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ فِي رِوَايَتِهِ: إنْ غَابَ مُسَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ فِي صَدَقَةِ الرِّبَاعِ: لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ لِأَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَضْلٌ مِنْ الْمَسَاكِنِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى وَلَدِهِ وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute