للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِرَاضِ الْأَوَّلِ، لِكَثْرَةِ مَالِ الْأَوَّلِ. فَإِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، فَلَا يَكُون لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْآخَرِ حِينَئِذٍ شَيْئًا. قُلْتُ: وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَيْنِ إذَا أَخَذَهُمَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْعَمَلَ بِهِمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الثَّانِي الَّذِي يَدْفَع إلَيْهِ، أَنْ يَخْلِطَهُمَا خَلَطَهُمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

[فِي الَّذِي يُقَارِضُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ مَالًا قِرَاضًا؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَجِيرًا لِلْخِدْمَةِ، فَدَفَعْتُ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ مَالًا قِرَاضًا، فَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ مِثْلَ الْعَبْدِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ.

[مُقَارَضَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ]

فِي مُقَارَضَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَارِضَ رَجُلًا لَا يَعْرِفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا مُسْلِمًا، فَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُقَارِضَ مَنْ يَسْتَحِلُّ شَيْئًا مِنْ الْحَرَامِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَارِضَ الرَّجُلُ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ. قَالَ اللَّيْثُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَارِضَ رَجُلًا يَسْتَحِلُّ فِي دِينِهِ أَكْلَ الْحَرَامِ.

[فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ يُقَارِضَانِ بِأَمْوَالِهِمَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْضَعَ، أَوْ يَأْخُذَ مَالًا قِرَاضًا، أَوْ يُعْطِيَ مَالًا مُقَارَضَةً؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا حَدًّا أَخَذَهُ، إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ.

[فِي أَخْذِ الْمُسْلِمِ الْمَالَ مِنْ النَّصْرَانِيِّ قِرَاضًا]

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا وَابْنَ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، أَيَأْخُذُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ الْمَالَ قِرَاضًا؟ فَكَرِهَا ذَلِكَ جَمِيعًا، قَالَ: وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُمَا كَرِهَا لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ، لِئَلَّا يَذِلَّ نَفْسَهُ فَأَظُنُّهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَرِهَا ذَلِكَ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْلِمُ إلَى النَّصْرَانِيِّ كَرْمَهُ مُسَاقَاةً، إذْ لَمْ يَكُنْ النَّصْرَانِيُّ يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا.

قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْلِمِ يَأْخُذُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مُسَاقَاةً شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَالًا قِرَاضًا. وَلَا أَرَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مُسَاقَاةً بِمَنْزِلَةِ مَا كَرِهَ مَالِكٌ مِنْ الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَخَذَهُ لَمْ أَرَهُ حَرَامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>