[فِي لُقَطَةِ الطَّعَامِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ الْتَقَطْت مَا لَا يَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاسِ مَنْ الطَّعَامِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَصَدَّقُ بِهِ أَعْجَبُ إلَيَّ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا تَافِهًا؟
قَالَ: التَّافِهُ وَغَيْرُ التَّافِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَعْجَبُ إلَى مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَكَلَهُ وَأَتَى صَاحِبُهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَيَضْمَنُهُ؟
قَالَ: لَا يَضْمَنُهُ، مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الشَّاةِ يَجِدُهَا فِي فَيَافِي الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا فِي غَيْرِ فَيَافِي الْأَرْضِ.
قُلْتُ: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوَقِّتُ فِي الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَقْتًا فِي تَعْرِيفِهِ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يُوَقِّتُ فِيهِ وَقْتًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ الْتَقَطَ شَاةً فِي فَيَافِي الْأَرْضِ أَوْ بَيْنَ الْمَنَازِلِ؟
قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ يُصِيبُهَا الرَّجُلُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ قُرْبَ الْقُرَى فَلَا يَأْكُلُهَا وَلْيَضُمَّهَا إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهَا يُعَرِّفُهَا فِيهَا. قَالَ: وَأَمَّا مَا كَانَ فِي فَلَوَاتِ الْأَرْضِ وَالْمَهَامِهِ، فَإِنَّ تِلْكَ يَأْكُلُهَا وَلَا يُعَرِّفُهَا. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» .
[فِي لُقَطَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالدَّوَابِّ]
ِّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَقَرَ، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَتْ. بِمَوْضِعٍ يُخَافُ عَلَيْهَا فَنَعَمْ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا السِّبَاعَ وَلَا الذِّئَابَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبِلِ.
قُلْتُ: وَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْإِبِلِ إذَا وَجَدَهَا الرَّجُلُ ضَالَّةً فِي فَلَوَاتِ الْأَرْضِ؟
قَالَ: إذَا أَخَذَهَا عَرَّفَهَا وَإِنْ أَرَادَ أَكْلَهَا فَلَيْسَ لَهُ وَلَا يَعْرِضُ لَهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَخَذَهَا فَعَرَّفَهَا وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا فَلْيُخَلِّهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ لَا تُؤْكَلُ.
قُلْتُ: فَإِنْ الْتَقَطَهَا؟
قَالَ: يُعَرِّفُهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا رَدَّهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ عَرَّفَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِئْ رَبُّهَا؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا وَقَدْ أُنْفِقَ عَلَى هَذِهِ الدَّوَابِّ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، عَلَى صَاحِبِهَا مَا أَنْفَقَ هَذَا عَلَيْهَا وَلَا يَأْخُذُهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِبِلِ إذَا اعْتَرَفَهَا رَبُّهَا وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَهَا وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا: إنَّ لَهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا إنْ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ إذَا الْتَقَطَهَا فِي فَلَوَاتِ الْأَرْضِ أَوْ فِي غَيْرِ فَلَوَاتٍ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَهَا رَبُّهَا، أَيَكُونُ لَهُ نَفَقَتُهُ الَّتِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَتَاعِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ فَيَحْمِلُهُ إلَى مَوْضِعٍ مَنْ الْمَوَاضِعِ لِيُعَرِّفَهُ فَيَعْرِفُهُ رَبُّهُ. قَالَ مَالِكٌ: هُوَ لِصَاحِبِهِ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ هَذَا الْكِرَاءَ الَّذِي حَمَلَهُ، فَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ إذَا الْتَقَطَهَا رَجُلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى رَبُّهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُلْتَقِطُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا