صَاحِبُهُ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ فَيَحْلِفُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ الْكِرَاءُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُتَكَارِي إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُتَكَارِي بِأَمْرٍ لَا يُشْبِهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا عَلِمَ مِثْلُ كِرَاءِ أَرْضِهِ، إنَّمَا لَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُتَكَارِي إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ سَحْنُونٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ مِثْلُ كِرَاءِ أَرْضِهِ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى الْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي أَكْثَرَ فَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ أَخَذَهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الْأَرْضِ بِذَلِكَ، وَلَمْ تَقُمْ لِلزَّارِعِ بَيِّنَةٌ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ أَكْرَاهُ الْأَرْضَ وَحَلَفَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُكْرِهْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ هَذَا الزَّارِعُ فِي أَرْضِهِ فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَخَذَ مِنْهُ الْكِرَاءَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَوْ كِرَاءَ مِثْلِ أَرْضِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَبَى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الزَّارِعَ أَنْ يَقْلَعَ زَرْعَهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَمْرٍ حَلَالٍ فَيَنْفُذُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: إنْ قَالَ هَذَا الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِقَلْعِ زَرْعِهِ: لَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ، وَأَنَا أَتْرُكُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ جَائِزٌ إذَا رَضِيَ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّارِعِ فِي قَلْعِهِ مَنْفَعَةٌ لَمْ يَكُنْ لِلزَّارِعِ أَنْ يَقْلَعَهُ، وَيُتْرَكُ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْبَى مِنْ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْبَلَهُ فَيَأْمُرَ الزَّارِعَ بِقَلْعِهِ.
[تَقْدِيمِ الْكِرَاءِ]
فِي تَقْدِيمِ الْكِرَاءِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ أَرْضًا مَنْ رَجُلٍ فَقَبَضَهَا مِنِّي أَيَجِبُ لِي الْكِرَاءُ حِينَ قَبَضَهَا أَمْ إذَا زَرْعَهَا أَوْ حَتَّى يَرْفَعَ زَرْعَهُ مِنْهَا؟
قَالَ: إنْ كَانَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ سُنَّةٌ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ حُمِلُوا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِمَّا تُزْرَعُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ رُوِيَتْ مِثْلُ أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي إنَّمَا رَيُّهَا مِنْ النِّيلِ وَلَيْسَتْ تَحْتَاجُ إلَى الْمَطَرِ، فَإِذَا قَبَضَ الْأَرْضَ وَقَدْ رُوِيَتْ لَزِمَهُ نَقْدُ الْكِرَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْأَرَضِينَ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَلَا يَتِمُّ الزَّرْعُ إلَّا بِالسَّقْيِ بَعْدَمَا يُزْرَعُ أَوْ مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الَّتِي لَا يَتِمُّ زَرْعُهَا إلَّا بِالْمَطَرِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ بَعْدَمَا زَرَعَ لَمْ يَنْقُدْهُ الْكِرَاءَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَتْ مِنْ أَرْضِ السَّقْيِ وَكَانَ السَّقْيُ مَأْمُونًا وَجَبَ لَهُ كِرَاؤُهُ نَقْدًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا تُزْرَعُ بُطُونًا مِثْلَ الْقَضْبِ وَالْبُقُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَعْطَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute