لِلْعَامِلِ رِبْحَهُ، إنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَهَذَا رَأْيِي. وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا أُطْلِقَتْ لَهُ فِيهِ يَدُهُ، فَبَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ، فَالْآمِرُ بِالْخِيَارِ. فَإِنْ أَجَازَ فِعْلَهُ فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ، وَإِنْ رَدَّ فِعْلَهُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ إلَّا الْمُقَارَضَ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ، فَقَدْ عَتَقَهُ لِلشِّرْكِ الَّذِي لَهُ فِيهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَالْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ إذَا فَاتَ الْعَبْدَ يُعْتَقُ، لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَكَانَ نَظَرًا مِنْهُ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ، نَفَذَ عِتْقُهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ
[فِي الْمُقَارَضِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَيَقْتُلُ الْعَبْدُ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلَ عَبْدٌ مِنْ مَالِ الْمُقَارَضَةِ عَمْدًا، قَتَلَهُ عَبْدُ رَجُلٍ، فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ الْعَامِلُ: أَنَا أَعْفُو، عَلَى أَنْ آخُذَ الْعَبْدَ، أَوْ قَالَ الْعَامِلُ: أَنَا أَقْتُلُ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَنَا أَعْفُو عَلَى أَنْ آخُذَ الْعَبْدَ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ عَفَا مِنْهُمَا عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَنْ أَرَادَ الْقِصَاصَ، وَلَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَمَنْ عَفَا مِنْهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ، أَيَكُونُ هَذَا الْعَبْدُ عَلَى الْقِرَاضِ كَمَا كَانَ الْعَبْدُ الْمَقْتُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ، فَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي الْقِرَاضِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَقَالَ سَيِّدُهُ: أَنَا أَقْتَصُّ، وَأَبَى ذَلِكَ الْعَامِلُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى الْقَوْلَ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْقَتْلِ.
[فِي الْمُقَارَضِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يَبِيعَانِ الْجَارِيَةَ بِثَمَنٍ إلَيْهِ أَجَلٍ وَيَبْتَاعَهَا رَبُّ الْمَال أَوْالسَّيِّدُ بِأَقَلَّ قَبْلَ الْأَجَلِ]
فِي الْمُقَارَضِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يَبِيعَانِ الْجَارِيَةَ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ وَيَبْتَاعَهَا رَبُّ الْمَال أَوْ السَّيِّدُ بِأَقَلَّ قَبْلَ الْأَجَلِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُقَارَضًا بَاعَ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِينَارٍ إلَى سَنَةٍ، وَقَدْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ، فَاشْتَرَاهَا رَبُّ الْمَالِ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ بَاعَ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ، أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا نَقْدًا قَبْلَ الْأَجَلِ؟ قَالَ: أَمَّا مَسْأَلَتُكَ هَذِهِ فِي الْعَبْدِ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ إنَّمَا يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ إنَّمَا يَتَّجِرُ بِمَالِ سَيِّدِهِ، فَلَا يَصْلُحُ، وَكَذَلِكَ الْمُقَارَضُ لَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالُهُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى أَسْلَمَ بِمَالِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ سَيِّدُهُ؟ أَوْ لَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَحْنَثُ بِالْعِتْقِ فِي عَبِيدِهِ، فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَيَبْقُونَ فِي أَيْدِي عَبِيدِهِ، الَّذِينَ أَعْتَقُوا عَبِيدًا لَهُمْ؟ أَوْ لَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ، نَظَائِرُ لَهُ كَثِيرَةٌ؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute