[رِضَا الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ]
فِي رِضَا الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبِكْرَ إنْ قَالَ: لَهَا أَنَا أُزَوِّجُك مِنْ فُلَانٍ فَسَكَتَتْ، فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا، أَيَكُونُ هَذَا رِضًا مِنْهَا بِمَا صَنَعَ الْوَلِيُّ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، هَذَا مِنْ الْبِكْرِ رِضًا، وَكَذَلِكَ سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ: وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ سُكُوتَهَا رِضًا، قُلْتُ: فَالثَّيِّبُ أَيَكُونُ إذْنُهَا سُكُوتَهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ وَتَسْتَخْلِفَ الْوَلِيَّ عَلَى إنْكَاحِهَا قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الثَّيِّبَ إذَا قَالَ: لَهَا وَالِدُهَا إنِّي مُزَوِّجُك مِنْ فُلَانٍ، فَسَكَتَتْ فَذَهَبَ الْأَبُ فَزَوَّجَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَيَكُونُ سُكُوتُهَا ذَلِكَ تَفْوِيضًا مِنْهَا إلَى الْأَبِ فِي إنْكَاحِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَمْ لَا؟ قَالَ: تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» أَنَّ سُكُوتَهَا لَا يَكُونُ رِضًا «وَالْبِكْرُ تُسْتَشَارُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، وَأَنَّ السُّكُوتَ إنَّمَا يَكُونُ جَائِزًا فِي الْبِكْرِ إنْ قَالَ الْوَلِيُّ إنِّي مُزَوِّجُك مِنْ فُلَانٍ فَسَكَتَتْ، ثُمَّ ذَهَبَ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ فَأَنْكَرَتْ أَنَّ التَّزْوِيجَ لَازِمٌ لَهَا وَلَا يَنْفَعُهَا إنْكَارُهَا بَعْدَ سُكُوتِهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْبِكْرِ عَلَى مَا أَخْبَرْتُك.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ابْنَتَيْهِ وَلَمْ يَسْتَشِرْهُمَا» . ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُكْرِهُ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا الْوَالِدُ، فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ إذَا كَانَتْ بِكْرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَقَدْ سَمِعْت أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ الثَّيِّبَ أَوْ الْبِكْرَ وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا، ثُمَّ تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَتَرْضَى، فَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا مَرَّةً كَانَ يَقُولُ: إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَعِيدَةً عَنْ مَوْضِعِهِ فَرَضِيَتْ إذَا بَلَغَهَا لَمْ أَرَ أَنْ يَجُوزَ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ فَبَلَغَهَا ذَلِكَ فَرَضِيَتْ جَازَ ذَلِكَ، فَسَأَلْنَا مَالِكًا وَنَزَلْت بِالْمَدِينَةِ فِي رَجُلٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ ثُمَّ بَلَّغَهَا فَقَالَتْ مَا وَكَّلْت وَلَا أَرْضَى ثُمَّ كُلِّمَتْ فِي ذَلِكَ وَرَضِيَتْ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَاهُ نِكَاحًا جَائِزًا وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا إنْ أَحَبَّتْ
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ الْكَبِيرَ الْمُنْقَطِعَ عَنْهُ، أَوْ الِابْنَةَ الثَّيِّبَ وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْهُ أَوْ هُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَيَرْضَيَانِ بِمَا فَعَلَ أَبُوهُمَا قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقَامُ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَلَوْ رَضِيَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَارِيَةَ الْبَالِغَةَ الَّتِي حَاضَتْ وَهِيَ بِكْرٌ لَا أَبَ لَهَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَبَلَّغَهَا فَرَضِيَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَيَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا وَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَسْتَشِيرَهَا، فَإِنْ فَعَلَ وَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَشُورَتِهَا وَكَانَ حَاضِرًا مَعَهَا فِي الْبَلَدِ فَأَعْلَمَهَا حِينَ زَوَّجَهَا فَرَضِيَتْ رَأَيْتُ جَائِزًا وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَأْخِيرِ إعْلَامِهَا بِمَا فَعَلَ مِنْ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا أَوْ بَعْدَ الْمَوْضِعِ عَنْهُ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute