للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُبْغِضُكَ، أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْتُ تُحِبِّينَنِي، فَقَالَتْ أَنَا أُبْغِضُك، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: هَذَا عِنْدِي حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَتْ فِي قَوْلِهَا أَمْ كَذَبَتْ، فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْبِسَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَكِنْ يُعْتِقُهَا وَيُخَلِّيهَا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ يُبْغِضُنِي فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَقَالَ فُلَانٌ: أَنَا أُحِبُّكَ؟

قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَ فُلَانٌ فِي مَقَالَتِهِ أَوْ كَذَبَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا وَاللَّيْثَ عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ امْرَأَتَهُ عَنْ الْخَبَرِ فَيَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَتَمْتِينَنِي وَإِنْ لَمْ تَصْدُقِينَنِي، فَتُخْبِرُهُ الْخَبَرَ فَلَا يَدْرِي أَكَتَمَتْهُ ذَلِكَ أَمْ صَدَّقَتْهُ إلَّا أَنَّهَا تَقُولُ لِلزَّوْجِ: قَدْ صَدَقْتُكَ وَلَمْ أَكْتُمْكَ فَقَالَا جَمِيعًا: نَرَى أَنْ يُفَارِقَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَتْهُ أَمْ كَذَبَتْهُ، فَكَذَلِكَ مَسَائِلُكَ هَذِهِ كُلُّهَا وَمَا كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْوَجْهَ فَهُوَ عَلَى مِثْلِ هَذَا.

قُلْتُ: وَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي هَذَا بِالْحِنْثِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.

[الرَّجُلِ يَجْعَلُ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ فِي مَجْلِسِهِمَا]

فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ فِي مَجْلِسِهِمَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ نَفْسَكَ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا، فُوِّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ. فَقَالَ الْعَبْدُ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي يَنْوِي الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، أَيَكُونُ حُرًّا أَمْ لَا؟

قَالَ: إذَا نَوَى الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ عَتَقَ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا: قَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي، هُوَ مِنْ حُرُوفِ الْعِتْقِ.

فَقُلْتُ: وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ يَنْوِي بِذَلِكَ الْعِتْقَ؟

قَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ بِقَوْلِهِ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ حُرًّا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حُرُوفِ الْعِتْقِ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ السَّيِّدَ قَالَ لِعَبْدِهِ: اُدْخُلْ الدَّارَ، وَهُوَ يُرِيدُ بِلَفْظِهِ ذَلِكَ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ؟

قَالَ: هُوَ حُرٌّ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ اللَّفْظِ عِتْقَ الْعَبْدِ.

قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: اُدْخُلْ، يَنْوِي بِذَلِكَ اللَّفْظِ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ، يَنْوِي بِذَلِكَ اللَّفْظِ حُرِّيَّةَ نَفْسِهِ فِي هَذَا الَّذِي فَرَضَ سَيِّدُهُ إلَيْهِ الْعِتْقَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْعَبْدَ مُدَّعٍ فِي ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْعِتْقِ وَلَا بِحُرُوفِ الْعِتْقِ، فَالسَّيِّدُ هَهُنَا مُصَدِّقٌ عَلَى نَفْسِهِ وَالْعَبْدُ لَا يُصَدَّقُ فِي هَذَا عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، فَقَالَتْ: أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَدَّعِي أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَمَّا إذَا لَمْ تُجِزْ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ قَوْلِنَا ذَلِكَ فَنَحْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>