أَنْ يَنْقَطِعَ مَاؤُهَا أَوْ بَعْضُهُ أَوْ تَكُونَ بَعْلًا فَيَقْحَط عَنْهُ الْمَطَرُ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ إذَا انْقَطَعَ الْمَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ اكْتَرَى شَيْئًا.
[أَرْضِ الْمَطَرِ تَسْتَغْدِرُ وَفِيهَا الزَّرْعُ]
فِي أَرْضِ الْمَطَرِ تَسْتَغْدِرُ، وَفِيهَا الزَّرْعُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَرَعَهَا فَأَصَابَهَا مَطَرٌ شَدِيدٌ فَاسْتَغْدَرَتْ الْأَرْضُ، وَفِيهَا الزَّرْعُ فَأَقَامَ الْمَاءُ فِيهَا الْعَشَرَةَ الْأَيَّامِ أَوْ الْعِشْرِينَ أَوْ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ فَقَتَلَ الْمَاءُ الزَّرْعَ أَيَلْزَمُ الْمُتَكَارِي الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَيَجْعَلُهُ مَالِكٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَرَدِ وَالْجَرَادِ وَالْجَلِيدِ أَمْ يُجْعَلُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَحْطِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْحَرْثِ فَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْبَرَدِ وَالْجَلِيدِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ إنَّمَا اسْتَغْدَرَتْ فِي أَيَّامِ الْحَرْثِ فَقَتَلَتْ زَرْعَهُ الَّذِي كَانَ زَرْعَ فِيهَا، وَالْمَاءُ إنْ انْكَشَفَ عَنْهَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا ثَانِيَةً فَلَمْ يَنْكَشِفْ الْمَاءُ عَنْهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْحَرْثِ، فَإِنَّ هَذَا مِثْلُ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الْأَرْضَ فَتَغْرَقُ فِي أَيَّامِ الْحَرْثِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ الْأَرْضَ إذَا اكْتَرَاهَا الرَّجُلُ فَجَاءَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَمْنَعُهُ الزَّرْعَ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، فَهَذَا مِثْلُ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ زَرْعَهَا ثُمَّ جَاءَهُ الْمَاءُ فَغَرِقَ زَرْعُهُ فِي أَيَّامِ الْحَرْثِ وَهُوَ لَوْ أَنَّ الْمَاءَ انْكَشَفَ عَنْ الْأَرْضِ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْحَرْثِ؛ لِأَنَّ إبَّانَ الْحَرْثِ لَمْ يَذْهَبْ فَمَنَعَهُ الْمَاءُ مِنْ أَنْ يُعِيدَ زَرْعَهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فِي زَمَانِ الْحَرْثِ فَهَلَكَ زَرْعُهُ ثُمَّ انْكَشَفَ الْمَاءُ فِي إبَّانٍ يُدْرِكُهُ فِيهِ الْحَرْثُ فَالْكِرَاءُ لَهُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ أَنْ يَزْرَعَ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا أَصَابَهَا بَعْدَ ذَهَابِ أَيَّامِ الْحَرْثِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْجَرَادِ وَالْجَلِيدِ وَالْبَرَدِ، وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ.
[اكْتِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ وَأَرْضِ الْمَطَرِ قَبْلَ أَنْ تَطِيبَ لِلْحَرْثِ]
فِي اكْتِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ وَأَرْضِ الْمَطَرِ قَبْلَ أَنْ تَطِيبَ لِلْحَرْثِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَرْضَ أَيَجُوزُ أَنْ أَتَكَارَاهَا قَبْلَ أَنْ تَطِيبَ لِلْحَرْثِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ مَأْمُونَةً فَإِنَّهَا تُرْوَى فَالنَّقْدُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَأَرْضُ الْمَطَرِ أَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ أَرْضُ الْمَطَرِ عِنْدِي بَيِّنًا كَبَيَانِ النِّيلِ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: إنَّا قَدْ اخْتَبَرْنَاهَا فَلَا تَكَادُ أَنْ تُخْلِفَ وَهِيَ أَرْضٌ لَمْ تُخْلِفْ مُنْذُ زَمَانٍ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: النِّيلُ عِنْدِي أَبْيَنُ شَأْنًا. قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ أَرْضُ الْمَطَرِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُمْ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَالنِّيلُ أَبْيَنُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute