وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَدْ أَخْبَرْتُك بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَا يَنْظُرَانِ إلَى وَيُخْبِرَانِ عَنْهُ فَكَيْفَ بِمَا غَابَ أَنَّهُ قَدْ نَدَّ وَأَبَقَ وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ صِفَتُهُ مَعْرُوفَةً مَا جَازَ لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَأَنَّهُ هُوَ مِنْ الْغَرَرِ.
[اشْتِرَاء سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ قَدْ رَآهَا أَوْ وُصِفَتْ لَهُ أَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا]
فِي اشْتِرَاءِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ قَدْ رَآهَا أَوْ وُصِفَتْ لَهُ أَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتُ إذَا نَظَرَ إلَى دَابَّةٍ عِنْدَ رَجُلٍ فَاشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِعَامٍ أَوْ عَامَيْنِ عَلَى غَيْرِ صِفَةٍ إلَّا عَلَى رُؤْيَتِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: إنْ كَانَ أَمْرًا تَكُونُ فِيهِ السِّلْعَةُ عَلَى حَالِهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَبَاعَدْ ذَلِكَ تَبَاعُدًا شَدِيدًا، قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَظَرَ إلَى السِّلْعَةِ فَاشْتَرَى السِّلْعَةَ بَعْدَ نَظَرِهِ إلَيْهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لَنَا مُبْهَمًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا فِيهِ الْأَجَلَ الْبَعِيدَ وَلَا الْقَرِيبَ فَأَرَى إذَا تَبَاعَدَ شِرَاؤُهُ مِنْ نَظَرِهِ إلَيْهَا حَتَّى يَتَفَاحَشَ ذَلِكَ وَيَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تَبْلُغُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ يَوْمِ نَظَرَ إلَيْهَا حَتَّى تَتَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا أَرَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا إلَّا عَلَى الْمُوَاصَفَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ وَإِلَّا تَرَكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا اشْتَرَى سِلْعَةً وَلَمْ يَرَهَا أَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَصَفَهَا وَجَلَّاهَا بِنَعْتِهَا وَمَاهِيَّتِهَا فَأَتَى بِهَا أَوْ خَرَجَ إلَيْهَا فَوَجَدَهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُصِفَتْ لَهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَرَاهَا إذَا كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وُصِفَتْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَرْضَاهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ سِلْعَةٌ قَدْ رَآهَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ فَاشْتَرَاهَا عَلَى مَا كَانَ يَعْرِفُ مِنْهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْهُ فَوَجَبَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فَوَجَدَهَا عَلَى حَالِ مَا كَانَ يَعْرِفُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ سَحْنُونٌ. وَقَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَجُلُّهُمْ: لَا يَنْعَقِدُ بَيْعٌ إلَّا عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا عَلَى صِفَةٍ تُوصَفُ لَهُ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ قَدْ عَرَفَهَا أَوْ اشْتَرَطَ فِي عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إذَا رَأَى السِّلَعَ بِأَعْيَانِهَا فَكُلُّ بَيْعٍ يَنْعَقِدُ فِي سِلَعٍ بِأَعْيَانِهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْنَا فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ لَا يَجُوزُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَرَى الْعَبْدَ عِنْدَ الرَّجُلِ ثُمَّ يَمْكُثُ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ يَشْتَرِيه بِغَيْرِ صِفَةٍ أَتَرَى الصَّفْقَةَ فَاسِدَةً لِتَقَادُمِ الرُّؤْيَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ لَنَا مَا أَخْبَرْتُك أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يُوصَفَ أَوْ يَكُونَ قَدْ رَآهُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي تَقَادُمِ الرُّؤْيَةِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ كَانَ قَدْ تَقَادَمَ تَقَادُمًا يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْعَبْدُ لِطُولِ الزَّمَانِ فَالصَّفْقَةُ فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يَصِفَهُ صِفَةً مُسْتَقْبَلَةً.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَأَيْت سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَشْتَرِيَهَا عَلَى رُؤْيَتِي تِلْكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: السِّلَعُ تَخْتَلِفُ وَتَتَغَيَّرُ فِي أَبْدَانِهَا: الْحَيَوَانُ يَتَغَيَّرُ بِالْعَجَفِ