الْمُقَارَضِ يَأْتِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَيَأْتِي رَجُلٌ بِأَلْفٍ فَيَعْمَلَانِ بِهِمَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ شَارَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ. قَالَ: وَإِنْ عَمِلَا جَمِيعًا فَهُوَ ضَامِنٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَدَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى رَجُلٍ آخَرَ مَالًا قِرَاضًا، أَيَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَشْتَرِكَا بِالْمَالَيْنِ، فَيَعْمَلَا، وَرَبُّ الْمَالَيْنِ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ، أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ قِرَاضًا، إلَّا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْخَوْفِ فَهَذَا إنْ يُشَارِكْ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَسْتَوْدِعَ مَالًا قَدْ اسْتَوْدَعْتَهُ رَجُلًا، أَنْ تَذْهَبَ فَتَسْتَوْدِعَهُ رَجُلًا آخَرَ، وَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ الَّذِي اسْتَوْدَعَكَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ وَدَائِعُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَأْذَنْ لَكَ فِي ذَلِكَ.
[فِي الْمُقَارَضِ يَبْضَعُ مِنْ الْقِرَاضِ]
ِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، إنْ أَبْضَعَ الْمُقَارَضُ فَهُوَ ضَامِنٌ. قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٌ مَالًا قِرَاضًا، فَلَمَّا أَخَذْت الْمَالَ مِنْهُ، طَلَبْتُ إلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لِي أَنْ أَبْضَعَهُ فَأَذِنَ لِي، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى أَنْ يَبْضَعَ بِهِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَبْضِعَ مَعَ عَبْدٍ لِرَبِّ الْمَالِ اشْتَرَطْتُهُ فِي الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعَانَكَ بِغُلَامِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكَ أَنْ تَبْضِعَ مَعَهُ بِالْمَالِ.
[فِي الْمُقَارَضِ يَسْتَوْدِعُ غَيْرَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُقَارَضَ، إذَا أَذِنْت لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: لَا، إلَّا عَلَى خَوْفٍ، مِثْلَ مَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ الَّذِي يَسْتَوْدِعُهَا قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَدِيعَةِ إنْ اسْتَوْدَعَهَا غَيْرَهُ: إنَّهُ ضَامِنٌ، إلَّا مِنْ عُذْرٍ، مِنْ خَرَابِ مَنْزِلٍ أَوْ إرَادَةِ سَفَرٍ، أَوْ لَا يَكُونُ مَنْزِلُهُ حَرِيزًا، أَوْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَيَسْتَوْدِعُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَامِلَ، أَلَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ مَالَ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا عَلَى وَجْهِ خَوْفٍ، أَوْ إنَّمَا فَعَلَهُ نَظَرًا لِخَوْفٍ، تَخَوَّفَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَمَنْزِلُهُ مَعُورٌ. قَالَ مَالِكٌ فِي مِثْلِ هَذَا: إذَا اسْتَوْدَعَهُ غَيْرَهُ مِنْ خَوْفٍ دَخَلَ عَلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَوْدَعَهُ، إذَا كَانَ بِهَذَا الْحَالِ، فَالْقِرَاضُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ.
[فِي الْمُقَارَضِ يُقَارِضُ غَيْرَهُ]
ُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُقَارِضَ غَيْرَهُ إلَّا بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ. قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute