للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرَجُلٍ مِنْ النَّاسِ، فَلَا يَجُوزُ عَلَى الصَّبِيِّ شَيْءٌ مِنْ صَنِيعِهِ.

قُلْتُ: فَهَلْ يُتْرَكُ مَالُ الْمَرْأَةِ فِي يَدَيْهِ وَقَدْ أَوْصَتْ إلَيْهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الَّذِي تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ تَافِهًا يَسِيرًا جَازَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ هَلَكَتْ وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ بِمَالِهَا. فَقَالَ مَالِكٌ: كَمْ تَرَكَتْ؟ قَالُوا لَهُ: خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتِّينَ. قَالَ: هَذَا يَسِيرٌ وَجَوَّزَهُ فِي الْيَسِيرِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هَلَكَتْ امْرَأَةٌ وَأَوْصَتْ بِثُلُثِهَا أَنْ يَنْفُذَ، وَأَوْصَتْ بِذَلِكَ إلَى رَجُلٍ أَنْ يُنْفِذَهُ؟

قَالَ: فَهُوَ وَصِيٌّ فِي ثُلُثِهَا وَذَلِكَ إلَيْهِ، تَكُونُ وَصِيَّتُهَا إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي ثُلُثِهَا وَيُنْفِذُهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ تَرَكَتْ أُخْتَهَا وَأَخَاهَا صَغِيرَيْنِ، وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ بِهِمَا وَبِمَالِهَا وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُمَا؟

قَالَ: أَرَى وَصِيَّتَهَا غَيْرَ جَائِزَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُهَا الَّذِي تَرَكَتْ قَلِيلًا مِثْلَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ إلَى الْمِلْكِ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ لَهُمَا وَصِيًّا بِذَلِكَ فِي إنْكَاحِهِمْ وَشِرَائِهِمْ وَالْمُصَالَحَةِ عَلَيْهِمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هَلَكَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنَ أَخٍ لَهُ صَغِيرًا وَهُوَ وَارِثُهُ وَمَعَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُ أَيْضًا كَبِيرٌ، فَأَوْصَى الْعَمُّ بِهَذَا الصَّبِيِّ إلَى رَجُلٍ، أَيَكُونُ وَصِيَّهُ، وَتَجُوزُ مُقَاسَمَتُهُ لَهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ أَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبَا الْأَبِ أَوْ كَانَ أَخًا لِهَذَا الصَّبِيِّ فَهَلَكَ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ مِنْ وَصِيَّةِ هَؤُلَاءِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الْوَصِيَّةِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ وَلَا صَنِيعُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ نَفْسِهِ.

قُلْتُ: أَفَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ مِثْلَ مَا أَجَازَ مَالِكٌ وَصِيَّةَ الْأُمِّ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ وَصِيَّتُهُ لِهَذَا فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ.

قُلْتُ: وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الْأُمِّ؟

قَالَ: إنَّمَا اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ فِي الْأُمِّ وَلَيْسَتْ الْأُمُّ كَغَيْرِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّ وَالِدَةٌ وَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا وَهُوَ مَالُهَا، وَهَذَا لَيْسَ بِمَالِهِ الَّذِي يُوصِي بِهِ لِغَيْرِهِ وَمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتِحْسَانٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأُمَّ تَعْتَصِرُ مَا وَهَبَتْ لِابْنِهَا أَوْ ابْنَتِهَا وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَالْجَدُّ وَالْأَخُ لَا يَعْتَصِرَانِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ أَيْضًا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: فَمَا يُصْنَعُ بِهَذَا الْمَالِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ إلَى هَذَا الْوَصِيِّ الَّذِي لَا يُجِيزُ وَصِيَّتَهُ؟

قَالَ: ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ عِنْدَ مَالِكٍ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَيَنْظُرُ فِيهِ لِلصِّغَارِ وَيُجَوِّزُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْغَائِبِ.

[مَا جَاءَ فِي قِسْمَةِ الْكَافِرِ عَلَى ابْنَتِهِ الْبَالِغِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكَافِرَ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَ عَلَى ابْنَتِهِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ فِي حِجْرِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ إذَا أَسْلَمَتْ، فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ وَقَدْ أَسْلَمَتْ، رَأَيْتُ أَنْ لَا تَجُوزَ عَلَيْهَا قِسْمَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>