أَحَدَ عَبْدَيْكَ أَوْ أَحَدَ ثَوْبَيْكَ، وَثَمَنَ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّهُ رَدَّ إلَيْكَ أَحَدَ عَبْدَيْكَ بِعَيْنِهِ أَوْ أَحَدَ ثَوْبَيْكَ فَلَمْ يَكُنْ سَلَفًا انْتَفَعَ بِهِ وَرَدَّ مِثْلَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْكَ فِي ابْتِيَاعِهِ مِنْكَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْعَبْدَيْنِ يَوْمَ ابْتَاعَهُمَا مِنْكَ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْكَ أَحَدَهُمَا عَلَى حَالِهِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا يَوْمَ الرَّدِّ مِنْ إخْلَاقِ الثَّوْبِ وَيَقُصُّ الْعَبْدَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيُعْطِيكَ نِصْفَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ لِأَنَّكَ إنَّمَا بِعْتَ أَحَدَهُمَا وَأَخَّرْتَ الْآخَرَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبْقَى فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ مِنْكَ، وَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهُ بِغَيْرِ إتْلَافِهِ تَجُوزُ إجَارَتُهُ، وَأَنَّكَ لَوْ بِعْتَ مِنْ رَجُلٍ فَاكِهَةً أَوْ شَيْئًا مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَمْحِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَالْقُطْنِ وَالْعُصْفُرِ وَالْكَتَّانِ وَمَا أَشْبَهَهُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَرَدْت أَنْ تَأْخُذَ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَبَعْضَ مَا بِعْتُهُ بِهِ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُ مَا يُرَدُّ إلَيْكَ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ لَكَ وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْكَ فِي ابْتِيَاعِهِ ذَلِكَ مِنْكَ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَعْطَاكَ نِصْفَ الثَّمَنِ وَرَدَّ عَلَيْكَ نِصْفَ مَا اشْتَرَى مِنْكَ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ وَكَانَ بَيْعًا سَلَفًا لِأَنَّهُ مِمَّا لَا تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَطْعِمَةِ وَلَا الْأُدْمُ وَلَا كُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِتْلَافِهِ إمَّا بِأَكْلِهِ وَإِمَّا بِعَلْفِهِ وَإِمَّا بِشُرْبِهِ، وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَذَلِكَ فِيهِ لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِغَيْرِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ لِأَنَّهُ يَعُودُ بَيْعًا وَسَلَفًا أَعْطَاكَ ثَمَنَ مَا بِعْتَهُ وَرَدَّ عَلَيْكَ مَكَانَ مَا أَسْلَفْتَهُ غَيْرَهُ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا وَكُلُّ مَا أَشْبَهَهُ.
[خِيَار الشَّرْط هَلْ يُورَث]
فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بِالْخِيَارِ فَمَاتَ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هَلْ يَكُونُ وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت سِلْعَةً عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا أَلَيْسَ مَنْ مَاتَ مِنَّا فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ فِي الْخِيَارِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ وَيَكُونُ لَهُمْ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْخِيَارِ مَا كَانَ لِلْمَيِّتِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا وَلَهُ الْخِيَارُ فِي هَذَا الْبَيْعِ أَيَقُومُونَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي هَذَا الْخِيَارِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي وَرَثَتِهِ مَنْ يَرْضَاهُمْ السُّلْطَانُ فَيَسْتَخْلِفُ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ لَهُ أَوْ يَسْتَخْلِفُ مِنْ غَيْرِ الْوَرَثَةِ مِنْ يَنْظُرُ لَهُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَفْقُودِ: لَا يُحَرَّكُ مَالُهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا يُورَثُ يَوْمَ تَنْقَطِعُ فِيهِ حَيَاتُهُ عِنْدَ النَّاسِ وَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ يَرِثُهُ يَوْمَ فُقِدَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثُهُ الْيَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute