حَيًّا حِينَ انْقَطَعَتْ حَيَاتُهُ وَلَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ إلَّا أَنْ يَعُمَّ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ بَعْدَهَا فَيَرِثُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ حَيًّا ذَلِكَ الْيَوْمَ مِمَّنْ يَرِثُهُ وَيُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ فَصَارَ السُّلْطَانُ هَاهُنَا نَاظِرًا لِلْمَفْقُودِ فِي مَالِهِ، فَكَذَلِكَ الَّذِي يَجِنُّ السُّلْطَانُ يَنْظُرُ لَهُ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ إلَى النَّفَقَةِ فَكَذَلِكَ إذَا جُنَّ وَلَهُ الْخِيَارُ، فَالسُّلْطَانُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي خِيَارِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ فَإِنْ رَأَى خَيْرًا أَخَذَهُ وَإِنْ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ تَرَكَهُ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الْمَجْنُونِ: يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ وَيُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي هَذَا التَّلَوُّمِ، فَإِنْ بَرِئَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: يَضْرِبُ السُّلْطَانُ لِلْمَجْنُونِ أَجَلَ سَنَةٍ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ مَالِكٍ أَنَّ السُّلْطَانَ يَتَلَوَّمُ لَهُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْمَجْذُومُ الْبَيِّنُ جُذَامُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الشَّأْنُ وَقَدْ اسْتَعَدَّتْ فِيهِ امْرَأَةٌ فَقَضَى بِهِ بِبَلَدِنَا.
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الْأَبْرَصِ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْأَبْرَصِ مِثْلَ مَا بَلَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخِيَارَ هَلْ يُورَثُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْخِيَارَ لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ وَرَثَتَهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ وَجَعَلَ الْخِيَارَ يُورَثُ، وَإِنَّمَا الْخِيَارُ مَشِيئَةٌ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ، فَإِذَا مَاتَ قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا مَاتَ فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ فِي ذَلِكَ فَوَرَّثَهُمْ مَشِيئَةً كَانَتْ لِلْمَيِّتِ، قَالَ: لِأَنَّهُ حَقٌّ كَانَ لِلْمَيِّتِ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ فَيَسْتَحْلِفُهُ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ أَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ كَمَا كَانَ لِصَاحِبِهِمْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ ثُمَّ ابْتَدَأَنِي مَالِكٌ فَقَالَ: أَرَى الْوَصِيَّ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا فِي حِجْرِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا يَمْلِكُونَ أَمْرَهُمْ أَوْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَخِّرَهَا هَاهُنَا مَعَ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ وَلَا مَعَ أَهْلِ الدَّيْنِ الَّذِي قَدْ اغْتَرَقَ مَالَ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْمَالَ هَاهُنَا لِغَيْرِ الْمَيِّتِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَصِيُّ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُ الدَّيْنِ أَوْ الْكِبَارُ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَهْلُ الدَّيْنِ نَحْنُ نُؤَخِّرُهُ، وَالدَّيْنُ يَغْتَرِقُ مَالَ الْمَيِّتُ، وَالدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ أَتَرَى الْغَرِيمَ فِي فُسْحَةٍ مِنْ يَمِينِهِ إذَا أَخَّرَهُ أَصْحَابُ الدَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ يَغْتَرِقُ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute