للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِدِينَارٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ - وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ - فَأَكْرَاهَا الْوَرَثَةُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، فَدَفَعُوا إلَى الْمُوصَى لَهُ دِينَارًا ثُمَّ بَارَتْ الدَّارُ تِسْعَ سِنِينَ فَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَكْتَرِيهَا، أَوْ أَكْرُوهَا بِأَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ؟

قَالَ: يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّنَانِيرِ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَخَذُوهَا مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ أَوَّلَ سَنَةٍ، فَيَأْخُذُ مِنْهَا لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا لِأَنَّهَا مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ، وَلَكِنَّ كِرَاءَ الدَّارِ لَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُ إلَّا بَعْدَمَا يَسْتَوْفِي الْمُوصَى لَهُ دِينَارَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَوْهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي السَّنَةِ فَضَاعَتْ الدَّنَانِيرُ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا كَانَ هَذَا الدِّينَارُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالدِّينَارِ. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا مِنْ كِرَاءِ كُلِّ سَنَةٍ دِينَارًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ الَّتِي أَكْرَوْهَا تِلْكَ السَّنَةَ إلَّا دِينَارٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ بَارَتْ الدَّارُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ انْهَدَمَتْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْمَيِّتُ مِنْ كِرَاءِ كُلِّ سَنَةٍ دِينَارًا.

قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَ عَلَى رَجُلٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرِ حَائِطِهِ فِي كُلِّ عَامٍ، فَمَضَى لِلنَّخْلِ سَنَتَانِ تُصِيبُهَا الْجَوَائِحُ لَا يَدْفَعُونَ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَثْمَرَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَجَذُّوا مِنْهَا ثَمَرًا كَثِيرًا. فَقَالَ مَالِكٌ: يُعْطَى لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ يُبْدَأُ بِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَتْ كِفَافًا أَخَذَهَا. وَإِنْ أَوْصَى فَقَالَ: أَعْطُوهُ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَمَضَى لِلنَّخْلِ سَنَتَانِ يُصِيبُهَا الْجَوَائِحُ لَا يَدْفَعُونَ مِنْهَا شَيْئًا، ثُمَّ أَثْمَرَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَبْدَأُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَأْخُذُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ كَفَافًا أَخَذَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ثَمَرَةِ الْعَامِ الثَّانِي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ مِنْ نُقْصَانِ الْعَامِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ فَضْلٌ عَنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ كَانَ لِلْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ نُقْصَانِ الْعَامِ الثَّانِي شَيْءٌ مِمَّا أَخَذُوا مِنْ الْفَضْلَةِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ.

[أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارٍ لِلْمَسَاكِينِ وَبِخِدْمَةِ عَبْدٍ حَيَاتَهُ فَيُرِيدُ بَيْعَهُ بِنَقْدٍ أَوْ بِدَيْنٍ مِنْ الْوَرَثَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ جِنَانِهِ لِلْمَسَاكِينِ، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِي بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ حَيَاتِي، أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَدَمَ رَجُلًا عَبْدًا حَيَاتَهُ أَوْ حَبَسَ عَلَيْهِ مَسْكَنًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ.

قَالَ: إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَأَرَى أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّنْ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِثْلُ الْوَرَثَةِ، أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ كَمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ.

قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعْرِي الرَّجُلَ الْعُرْيَةَ ثُمَّ يَبِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>