للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّنَّةِ، وَقَدْ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ سُنَّةَ الِاعْتِكَافِ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُعْتَكِفُ مُقْبِلٌ عَلَى شَأْنِهِ لَا يَعْرِضُ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَشْغَلُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ التِّجَارَاتِ أَوْ غَيْرِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَكِفَ يَسْكَرُ لَيْلًا ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ، أَيُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ اعْتِكَافَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا فِي الذَّنْبِ الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي اعْتِكَافِهِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ اعْتَكَفَ وَشَرَطَ أَنْ يَطْلُعَ إلَى قَرْيَتِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَيَطْلُعَ عَلَى أَهْلِهِ وَيُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ أَوْ لِحَاجَةٍ؟

قَالَ: لَا شَرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ فِي السُّنَّةِ الَّتِي مَضَتْ.

قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَبِيعُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَبْتَاعُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ إنْسَانًا فَيَقُولَ ابْتَعْ لِي كَذَا وَكَذَا.

[عِيَادَةِ الْمُعْتَكِفِ الْمَرْضَى وَصَلَاتِهِ عَلَى الْجَنَائِزِ]

فِي عِيَادَةِ الْمُعْتَكِفِ الْمَرْضَى وَصَلَاتِهِ عَلَى الْجَنَائِزِ قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُعْتَكِفِ، أَيُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ.

قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ انْتَهَى إلَيْهِ زِحَامُ النَّاسِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جَنْبِهِ فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَعُودُ الْمُعْتَكِفُ مَرِيضًا مِمَّنْ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ، وَلَا يَقُومُ إلَى رَجُلٍ يُعَزِّيهِ بِمُصِيبَةٍ وَلَا يَشْهَدُ نِكَاحًا يُعْقَدُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ لَوْ غَشِيَهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ أَرَ بَأْسًا.

قَالَ: وَلَا يَقُومُ إلَى النَّاكِحِ فَيُهَنِّئُهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يُشْغَلُ فِي مَجَالِسِ الْعِلْمِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ أَفَيَكْتُبُ الْعِلْمَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ وَالتَّرْكُ أَحَبُّ إلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَسُئِلَ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِ الْعُلَمَاءِ وَيَكْتُبُ الْعِلْمَ؟ فَقَالَ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ وَالتَّرْكُ أَحَبُّ إلَيَّ.

قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ وَيَقُولُ إنَّمَا هُوَ كَلَامٌ.

[اشْتِرَاءِ الْمُعْتَكِفِ وَبَيْعِهِ]

فِي اشْتِرَاءِ الْمُعْتَكِفِ وَبَيْعِهِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُعْتَكِفِ أَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ فِي حَالِ اعْتِكَافِهِ فَقَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا لَا يَشْغَلُهُ مِنْ عَيْشِ نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>