غَسْلِ تُرَابِهِمْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي الطَّلَبَ فِي بُيُوتِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي قُبُورِهِمْ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَاهُ حَرَامًا. وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تُطْلَبَ الْأَمْوَالُ فِي قُبُورِهِمْ وَآثَارِهِمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَغَسْلُ تُرَابِهِمْ عِنْدِي خَفِيفٌ، وَكُلُّ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، إذَا كَانَا يَعْمَلَانِ جَمِيعًا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ سَوَاءٌ.
[فِي الشَّرِكَةِ فِي الزَّرْعِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ عِنْدِي، وَالْبَقَرُ مَنْ عِنْدِ شَرِيكِي، وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِنَا جَمِيعًا، وَالْعَمَلُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، أَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَكِرَاءُ الْبَقَرِ سَوَاءٌ، جَازَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَكُمَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ الْبَقَرُ أَكْثَرَ كِرَاءٍ، أَوْ الْأَرْضُ أَكْثَرَ كِرَاءٍ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّهَا حَتَّى يَعْتَدِلَا. قَالَ: وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا كِرَاءَ لَهَا - مِثْلُ أَرْضِ الْمَغْرِبِ الَّتِي لَا تُكْرَى -: إنَّمَا يَمْنَحُونَهَا. قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخْرَجَ أَرْضًا مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ فَأَلْغَاهَا، وَتَكَافَآ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَاتِ وَالْبَذْرِ وَالْعَمَلِ، لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا. وَأَمَّا كُلُّ أَرْضٍ لَهَا كِرَاءٌ، قَالَ مَالِكٌ: فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَقَعَ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا، فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَخْرَجَ الْآخَرُ الْأَرْضَ مَنْ عِنْدِهِ وَتَكَافَئَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ، وَكِرَاءُ الْأَرْضِ وَقِيمَةُ الْبَذْرِ سَوَاءٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ وَقَدْ تَكَافَئَا فِي الْعَمَلِ، وَقِيمَةُ كِرَاءِ أَرْضِهِ مِثْلُ قِيمَةِ بَذْرِ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا، كَأَنَّهُ أَكْرَاهُ نِصْفَ أَرْضِهِ بِنِصْفِ بَذْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَهُ الْأَرْضَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ. قُلْتُ: وَلَا تَصْلُحُ الشَّرِكَةُ فِي الزَّرْعِ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَكَافَآ جَمِيعًا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَخْرَجَا الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِهِمَا جَمِيعًا، ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَقَرَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ، أَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْبَقَرُ وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ مَا أَخْبَرْتُكَ مِنْ الْبَذْرِ، أَنْ يَكُونَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ، لِأَنَّ هَذَا يَصِيرُ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ.
فَأَمَّا مَا سِوَى هَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَنْ يُخْرِجَ هَذَا بَعْضَ مَا يَصْلُحُهُمْ مِنْ أَدَاةِ الْحَرْثِ، وَهَذَا بَعْضَ مَا يَصْلُحُهُمْ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ مَا يُخْرِجُ هَذَا مِثْلَ قِيمَةِ مَا يُخْرِجُ هَذَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيَا الْأَرْضَ جَمِيعًا مِنْ رَجُلٍ، وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبُذُورَ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ الْبَقَرَ وَجَمِيعَ الْعَمَلِ، وَكَانَ قِيمَةُ الْبَذْرِ وَقِيمَةُ كِرَاءِ الْبَقَرِ وَجَمِيعُ عَمَلِ الزَّرْعِ سَوَاءٌ؟ قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّهُمَا قَدْ سَلِمَا مِنْ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ، وَقَدْ تَكَافَئَا بِحَالِ مَا ذَكَرْتُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute