للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحًا الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْأَبُ، غَرِمَهَا الْأَبُ. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا، غَرِمَ الْأَبُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَقِيمَتِهِ أَقْطَعَ الْيَدِ، وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْأَبِ.

وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَبَيْنَ قِيمَتِهِ أَقْطَعَ الْيَدِ أَكْثَرُ مِمَّا أَخَذَهُ الْأَبُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ أَكْثَرُ مِمَّا أَخَذَ، وَهُوَ مِثْلُ الْقَتْلِ إذَا قُتِلَ فَأَخَذَ أَبُوهُ الدِّيَةَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الْوَلَدَ مَاتَ صَحِيحًا، أَيَكُونُ عَلَى الْوَالِدِ مَنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى وَالِدِهِمْ فِيهِمْ إذَا مَاتُوا.

قُلْتُ: فَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَ هَذِهِ الْأَمَةِ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مِنْ سَيِّدِهَا فَطَرَحَتْهُ، فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ سَيِّدُهَا الْغُرَّةَ، أَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا بَعْدُ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنَّ الضَّارِبَ يَغْرَمُ غُرَّةً فَتَكُونُ لِأَبِيهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ أُمِّهِ، كَمْ قِيمَتُهَا يَوْمَ ضُرِبَ بَطْنُهَا، فَيَنْظُرُ إلَى مَا أَخَذَ الْأَبُ، فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ الْأَبُ أَكْثَرَ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهَا يَوْمَ جُنِيَ عَلَيْهَا، غَرِمَ الْأَبُ عُشْرَ قِيمَتِهَا. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ إلَّا مَا أَخَذَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي ذَلِكَ فِيهِ، إذَا أَخَذَ دِيَةَ ابْنِهِ مِنْ الْقَاتِلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَالِكًا، هَلْ كَانَ يُغَرِّمُ سَيِّدَهَا لِهَذَا الَّذِي اسْتَحَقَّهَا مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَتَهُ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِيمَا نَقَصَ الْحَمْلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ.

[فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ فَيَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ تَكُونُ عِنْدَهُ الْجَارِيَةُ قَدْ اشْتَرَاهَا فَتَلِدُ مِنْهُ، فَيَأْتِي رَجُلٌ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ؟

قَالَ: يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةَ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا مِنْ وَالِدِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلَيْهِ إلَيَّ وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ. وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، وَقَالَ: يَأْخُذُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ فَأُخِذَتْ، كَانَ ذَلِكَ عَارٌ عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَعَلَى وَلَدِهَا. وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ: أَنَّهُ إنْ أَخَذَهَا، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَعَهَا قِيمَةَ الْوَلَدِ أَيْضًا، فَهَذَا الضَّرَرُ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَرْجِعُ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّذِي غَرِمَ فِي قَوْلِهِ هَذَا؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا سَارِقًا، دَلَّسَ لَهُ فَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ فَسَرَقَ الْعَبْدُ مَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا سَرَقَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَامَ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ، أَنَّ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ الْجَارِيَةُ غَصَبَهَا لَهُ؟

قَالَ: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ وَلَدَهَا وَيُحَدُّ غَاصِبُهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَتَلِدُ مِنْهُ، ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ فَيُقَوِّمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ عَلَى مَا أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الَّذِي بَاعَهُ الْجَارِيَةَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ رُجُوعًا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>