للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ دَارًا وَهُمْ صِغَارٌ أَوْ تَصَدَّقَ بِدَارٍ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ حَتَّى مَاتَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَبَسْت عَلَى وَلَدِي دَارًا لِي وَهُمْ صِغَارٌ، أَوْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ فِي حِجْرِي بِدَارٍ لِي، وَأَشْهَدْت لَهُمْ إلَّا أَنِّي فِيهَا سَاكِنٌ حَتَّى مِتُّ أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَهَبُ لِوَلَدِهِ الصِّغَارِ وَهُمْ فِي حِجْرِهِ دَارًا، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِمْ أَوْ يَحْبِسُهَا عَلَيْهِمْ: إنَّ حَوْزَهُ لَهُمْ حَوْزٌ، وَصَدَقَتُهُمْ وَهِبَتُهُمْ وَالْحَبْسُ عَلَيْهِمْ ثَابِتٌ جَائِزٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ سَكَنَ فِيهَا كُلِّهَا حَتَّى مَاتَ. فَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا كُلِّهَا حَتَّى مَاتَ، فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَارًا كَبِيرَةً فَسَكَنَ الْقَلِيلَ مِنْهَا وَجُلُّهَا الْأَبُ يُكْرِيهِ، فَحَوْزُهُ لَهُمْ فِيمَا سَكَنَ وَفِيمَا لَمْ يَسْكُنْ حَوْزٌ كُلُّهُ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ وَالْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ فِي الدَّارِ كُلِّهَا إذَا كَانَ إنَّمَا سَكَنَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ مِنْهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ دَارًا سَكَنَ جُلَّهَا وَاَلَّذِي يُكْرِي مِنْهَا الْقَلِيلُ؛ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلَدِ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، لَا مَا أَكْرَى وَلَا مَا سَكَنَ. قَالَ: وَالْأَحْبَاسُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كُلُّهَا سَوَاءٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ حَبَسَ ذَلِكَ فِي دُورٍ مُفْتَرِقَةٍ فَسَكَنَ فِي دَارٍ مِنْهَا لَيْسَتْ تِلْكَ الدَّارُ الَّتِي سَكَنَ جُلَّ حَبْسِهِ وَلَا أَكْثَرَهُ، وَهِيَ فِي هَذِهِ الدُّورِ الَّتِي حَبَسَ خَفِيفَةٌ؛ رَأَيْتُ الْحَبْسَ جَائِزًا لِلْوَلَدِ فِيمَا سَكَنَ مِنْ ذَلِكَ وَفِيمَا لَمْ يَسْكُنْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي سَكَنَ، هِيَ جُلُّ الدُّورِ وَأَكْبَرُهَا قَالَ مَالِكٌ: فَلَا يَجُوزُ مِنْ الدُّورِ هَهُنَا لِلْوَلَدِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، لَا مَا سَكَنَ وَلَا مَا لَمْ يَسْكُنْ.

قَالَ سَحْنُونٌ: الْكِبَارُ غَيْرُ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهُ يُسْكِنُ الْقَلِيلَ لِلصَّغَارِ، فَيَحُوزُ الْبَاقِيَ لَهُمْ، فَيَكُونُ حَازَ الْحَوْزَ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا كِبَارًا يَلُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَقَبَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَبَقِيَ يَسْكُنُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعْظَمَ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي حِيَازَةِ الدُّورِ: إذَا حَبَسَهَا الرَّجُلُ عَلَى وَلَدِهِ الصِّغَارِ أَوْ الْكِبَارِ، وَسَكَنَ مِنْهَا الْمَنْزِلَ وَهِيَ ذَاتُ مَنَازِلَ، فَحَازَ الْكِبَارُ سَائِرَ الدَّارِ أَوْ كَانُوا أَصَاغِرَ فَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِ إلَّا أَنَّهُ سَاكِنٌ فِي مَنْزِلٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ. قَالَ مَالِكٌ: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَبَسَا جَمِيعًا دَارَيْهِمَا، وَكَانَا يَسْكُنَانِ فِيهِمَا حَتَّى مَاتَا مَنْزِلًا مَنْزِلًا مِنْهَا، قَالَ مَالِكٌ: فَنَفَذَ حَبْسُهُمَا مَا سَكَنَا وَمَا لَمْ يَسْكُنَا قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ إذَا سَكَنَ مِنْ حَبْسِهِ أَقَلَّهُ؛ جَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ سَكَنَ أَكْثَرَهُ أَوْ كُلَّهُ؛ لَمْ يَجُزْ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.

[فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الرَّجُلَ عَبْدًا فَيَجْنِي عِنْدَهُ أَوْ يَرْتَهِنُ عَبْدًا فَيُعِيرَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَصَبَنِي رَجُلٌ عَبْدًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيَّ وَفِي رَقَبَتِهِ الْجِنَايَةُ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ مُخَيَّرٌ، إنْ أَحَبَّ أَسْلَمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِمَّا دَفْعَهُ فِيهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>