للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيَّ الدَّيْنُ عَلَى هَذَا الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنِّي فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ، أَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَغْرَمَ الْمِائَةَ لِلَّذِي أَحَلْتُهُ عَلَيْهِ بِهَا؟

قَالَ: نَعَمْ، يَغْرَمُهَا وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَيْكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدَيْهِ.

قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلْتَهُ يَغْرَمُهَا، وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْهِ؟

قَالَ: لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا لِلطَّالِبِ حِينَ أَحَالَهُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: كَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

[فِي الْمُكَاتَبِ يُحِيلُ سَيِّدَهُ بِكِتَابَتِهِ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا لِي أَحَالَنِي عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي لِي عَلَى مُكَاتَبِي، أَتَجُوزُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا أَرَاهَا حَوَالَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ بَتَّ عِتْقَ مُكَاتَبِهِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ، وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبُ مُكَاتَبِهِ؛ رَجَعَ مَمْلُوكًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَتَمَّتْ حُرِّيَّةُ الْمُكَاتَبِ الْأَعْلَى وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبُتَّ عِتْقَهُ وَإِنَّمَا أَحَالَهُ مُكَاتَبُهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ، فَالْحَوَالَةُ هَهُنَا بَاطِلٌ.

[فِي الْمُكَاتَبِ يُحِيلُ سَيِّدَهُ بِكِتَابَتِهِ عَلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ]

ٍّ قُلْتُ: أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَحْتَالَ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِي عَلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أُكَاتِبَهُ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لِي كِتَابَتَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ حَوَالَةٍ يَحْتَالُ بِهَا رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ، وَكَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّ الْحَوَالَةَ جَائِزَةٌ، وَهِيَ حَوَالَةٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَحَالَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ حَمَالَةٌ وَلَيْسَتْ بِحَوَالَةٍ. وَإِنْ أَفْلَسَ هَذَا الَّذِي أُحِيلَ عَلَيْهِ، رَجَعَ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ بِدَيْنِهِ. فَالْمُكَاتَبُ إذَا أَحَالَ سَيِّدَهُ عَلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ دَيْنٌ، فَالْحَوَالَةُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّمَا هِيَ حَمَالَةٌ، وَلَا تَجُوزُ الْحَمَالَةُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ، وَهِيَ بَاطِلٌ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ لِلسَّيِّدِ بِأَصْلِ دَيْنٍ لَهُ؛ لِأَنَّ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ بِالْكِتَابَةِ مَعَ غُرَمَاءِ الْمُكَاتَبِ؟

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحَالَ سَيِّدَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَرَضِيَ سَيِّدُهُ بِالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ، أَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ مَكَانَهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ لَمْ تَحِلَّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَعْتِقُ مَكَانَهُ. وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ لَيْسَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا هُوَ كَأَنَّهُ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ إلَى أَجَلٍ فَعَجَّلَ لَهُ عِتْقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ أَوْ حَالَّةٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا صَارَ عَتِيقًا بِاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهُ؛ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ جِئْتنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إنْ جِئْتنِي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ لَهُ: إنْ جِئْتنِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْتَ حُرٌّ. فَإِنْ جَاءَ بِهَا كَانَ حُرًّا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ فَسَخْتُ دَيْنًا كَانَ لَكَ فِي أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ بِعْتُ دَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>