الْغَنَمُ الْأُولَى الَّتِي وَصَفْتُ لَكَ إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ إنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ مُكَاتَبٍ لَهُ قَاطَعَهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ، هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إذَا أَعْطَى النَّاسَ أَعْطِيَاتِهِمْ، يَسْأَلُ الرَّجُلَ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ مَالِ ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ " لَا " أَسْلَمَ إلَيْهِ عَطَاءَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ عَنْ أَبِيهَا أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ إذَا جِئْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ آخُذُ عَطَائِي سَأَلَنِي: وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَإِنْ قُلْتُ: نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِي زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ قُلْتُ: لَا، أَسْلَمَ إلَيَّ عَطَائِي. قَالَ مَالِكٌ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، إنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَإِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَفِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ: لَا تَجِبُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
[زَكَاةُ الْمِدْيَانِ]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ تَكُونُ لَهُ الدَّنَانِيرُ فَيَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَهِيَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ عُرُوضٌ أَيْنَ يَجْعَلُ دَيْنَهُ؟ فَقَالَ: فِي عُرُوضِهِ، فَإِنْ كَانَتْ وَفَاءَ دَيْنِهِ زَكَّى هَذِهِ الْعِشْرِينَ النَّاضَّةَ الَّتِي حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ عُرُوضُهُ ثِيَابَ جَسَدِهِ وَثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ وَسِلَاحَهُ وَخَاتَمَهُ وَسَرْجَهُ وَخَادِمًا تَخْدُمَهُ وَدَارًا يَسْكُنُهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا خَادِمُهُ وَدَارُهُ وَسِلَاحُهُ وَسَرْجُهُ وَخَاتَمُهُ، فَهِيَ عُرُوضٌ يَكُونُ الدَّيْنُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءُ الدَّيْنِ زَكَّى الْعِشْرِينَ الَّتِي عِنْدَهُ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْلُ هَذَا فِيمَا جَعَلْنَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَا كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَبِيعَهُ فِي دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ دَيْنَهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يُزَكِّي مَا كَانَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ نَاضٍّ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَبِيعُ دَارِهِ وَعُرُوضَهُ كُلَّهَا مَا كَانَ مِنْ خَادِمٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute