للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتْرُكُ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ أَيَبِيعُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَا لَيْسَ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا يَبِيعُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا قِيمَةٌ بَاعَهُمَا.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَهُ مَالٌ نَاضٌّ وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ هَذَا الْمَالِ النَّاضِّ الَّذِي عِنْدَهُ، وَلَهُ مُدَبَّرُونَ قِيمَتُهُمْ أَوْ قِيمَةَ خِدْمَتِهِمْ مِثْلُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: يَجْعَلُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ الْمُدَبَّرِينَ، قُلْت: قِيمَةُ رِقَابِهِمْ أَمْ قِيمَةُ خِدْمَتِهِمْ؟ فَقَالَ: قِيمَةُ رِقَابِهِمْ وَيُزَكِّي الدَّنَانِيرَ النَّاضَّةَ الَّتِي عِنْدَهُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ الدَّنَانِيرِ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ؟ فَقَالَ: يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْكِتَابَةِ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْكِتَابَةِ؟ فَقَالَ: يُقَالُ مَا قِيمَةُ مَا عَلَى هَذَا الْمُكَاتَبِ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ عَلَى مَحِلِّهَا بِالْعَاجِلِ مِنْ الْعُرُوضِ، ثُمَّ يُقَالُ مَا قِيمَةُ هَذِهِ الْعُرُوضِ بِالنَّقْدِ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُبَاعَ إلَّا بِالْعَرْضِ إذَا كَانَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ، فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ الْآنَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ فَيُجْعَلُ دَيْنُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُ، لَوْ شَاءَ أَنْ يَتَعَجَّلَهُ تَعَجَّلَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ فَعَلَ، فَإِذَا جَعَلَ دَيْنَهُ فِي قِيمَةِ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ زَكَّى مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ النَّاضِّ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِثْلَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَانَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي فِي يَدَيْهِ هَذِهِ النَّاضَّةُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ جَعَلَ فَضْلَ دَيْنِهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ النَّاضِّ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُكَاتَبِ؟ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا كُلَّهُ وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ فِي يَدَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنُ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ، أَرَأَيْتَ أَنْ يُزَكِّيَ الْمِائَةَ النَّاضَّةَ الَّتِي فِي يَدَيْهِ وَرَأَيْتَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ إنْ كَانَ دَيْنًا تَرْتَجِيهِ وَهُوَ عَلَى مَلِيءٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرْتَجِيهِ؟ فَقَالَ: لَا يُزَكِّيهِ فَمَسْأَلَةُ الْمُكَاتَبِ عِنْدِي عَلَى مِثْلِ هَذَا، لِأَنَّ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ مَالٌ لِلسَّيِّدِ كَأَنَّهُ عَرَضٌ فِي يَدَيْهِ لَوْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَهُ بَاعَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ عَبِيدٌ قَدْ أَبِقُوا وَفِي يَدَيْهِ مَالٌ نَاضٌّ، أَيُقَوِّمُ الْعَبِيدَ الْأُبَّاقَ فَيَجْعَلُ الدَّيْنَ فِيهِمْ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: لِمَ قَالَ: لِأَنَّ الْأُبَّاقَ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهُمْ وَلَا يَكُونُ دَيْنُهُ فِيهِمْ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الزَّكَاةِ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ فِي الضِّمَارِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَحْبُوسُ فِي الْعَيْنِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانُوا يَبْعَثُونَ الْخُرَّاصَ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ فَيَخْرِصُونَ عَلَى النَّاسِ لِإِحْصَاءِ الزَّكَاةِ، وَلِمَا لِلنَّاسِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>