للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِنْ تَعْجِيلِ مَنَافِعِهِمْ بِثِمَارِهِمْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُؤْمَرُونَ فِيهِ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دَيْنٍ لِيُحَصِّلَ أَمْوَالَهُمْ، وَكَذَلِكَ السُّعَاةُ يَبْعَثُونَهُمْ فَيَأْخُذُونَ مِنْ النَّاسِ مِمَّا وَجَدُوا فِي أَيْدِيهِمْ وَلَا يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَائِهِمْ مِمَّنْ يُرْضَى وَيُنْتَهَى إلَى قَوْلِهِمْ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فِي مَشْيَخَةِ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَأَخَذَ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ إنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ لَا يَنْظُرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَهِيَ السُّنَّةُ.

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَصِيحُ فِي النَّاسِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِهِ حَتَّى تُحَصَّلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُحْصِي دَيْنَهُ ثُمَّ يُؤَدِّي مِمَّا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ إنْ كَانَ مَا بَقِيَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ النَّضْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُول: كَانُوا لَا يَرْصُدُونَ الثِّمَارَ فِي الدَّيْنِ وَيَنْبَغِي لِلْعَيْنِ أَنْ تُرْصَدَ فِي الدَّيْنِ.

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ الْمُصَدِّقُ يَجِيءُ فَأَيْنَمَا رَأَى زَرْعًا قَائِمًا أَوْ إبِلًا قَائِمَةً، أَوْ غَنَمًا قَائِمَةً أَخَذَ مِنْهَا الصَّدَقَةَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ فِي يَدَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ نَاضَّةٌ فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ مَهْرٌ لِامْرَأَتِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: لَا.

قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا أَفْلَسَ زَوْجُهَا حَاصَّتْ الْغُرَمَاءَ، فَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا حَاصَّتْ الْغُرَمَاءَ فَهُوَ دَيْنٌ وَهَذَا مِثْلُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ مِائَةُ دِينَارٍ فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَقَدْ كَانَ فَرَّطَ فِيهَا، لَمْ يُؤَدِّهَا مَنْ زَكَاةِ الْمَالِ وَالْمَاشِيَةِ وَمَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ الزَّكَاةُ، إلَّا أَنْ يَبْقَى فِي يَدَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا كَانَ فَرَّطَ فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عِشْرُونَ دِينَارًا فَصَاعِدًا، فَإِنْ بَقِيَ فِي يَدَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَصَاعِدًا زَكَّاهُ.

قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: هَذَا رَأْيِي وَذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الزَّكَاةِ: إذَا فَرَّطَ فِيهَا الرَّجُلُ ضَمِنَهَا وَإِنْ أَحَاطَتْ بِمَالِهِ فَهَذَا عِنْدِي مِثْلُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا لَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةُ شَهْرٍ قَدْ كَانَ فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِشَهْرٍ؟ فَقَالَ: يَجْعَلُ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْعِشْرِينَ الدِّينَارَ، فَإِذَا انْحَطَّتْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي، وَلَكِنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا شَهْرًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ أَتْبَعَتْهُ بِنَفَقَةِ الشَّهْرِ وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>