للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنَ الَّذِي أَعْتَقَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلَّذِي أُسْلِمَ إلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُعْتِقَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، وَيَكُونَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ عَلَى النِّصْفِ الْمُعْتَقِ مِنْ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهِ. وَقَالَ: وَلَا تُتْبَعُ الْعَاقِلَةُ بِشَيْءٍ مِمَّا صَارَ عَلَى النِّصْفِ الْمُعْتَقِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ.

قُلْتُ: وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُعْتِقِ: ادْفَعْ أَوْ افْدِ؟

قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ فِي مِلْكِ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ فَلَزِمَتْ رَقَبَةَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ نَصِيبُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ نَصِيبُهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَزِمَ نَصِيبَهُ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ النَّصِيبِ يَوْمَ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِتَمَامِهِ وَنُقْصَانِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ضَمَّنْتُ الْمُعْتِقَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ، لِأَنَّ هَذَا لَمَّا أَعْتَقَ كَانَ ضَامِنًا. فَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكِ الْمُعْتِقِ الدَّافِعِ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَمَّا أُعْتِقَ نِصْفُهُ وَهَبَ شَرِيكُ هَذَا الْمُعْتِقِ نَصِيبَهُ لِرَجُلٍ لَضَمَّنْتُ الْمُعْتَقَ لِلَّذِي وَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي قَالَ مَالِكٌ فِي الْبَيْعِ: إنَّهُ يُرَدُّ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إذَا كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ مُوسِرًا، لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا هُوَ غَرَرٌ، وَلَيْسَتْ الْهِبَةُ غَرَرًا لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِدَنَانِيرِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَعْطَى أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ بَاعَهُ بِعُرُوضٍ كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا إنَّمَا بَاعَ عُرُوضَهُ بِدَنَانِيرَ لَا يَدْرِي مَا هِيَ.

[الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ]

فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا يُجْرَحُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نِصْفُهُ لِسَيِّدِهِ يَأْخُذُهُ، وَنِصْفُهُ لِلْعَبْدِ يَقَرُّ فِي يَدَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ جُرِحَ الْعَبْدُ كَانَ نِصْفُ دِيَةِ الْجُرْحِ عَلَى الْعَبْدِ وَنِصْفُهُ عَلَى السَّيِّدِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ جَمِيعًا. وَقَدْ كَانَ لِمَالِكٍ فِيهَا قَوْلٌ إذَا جُرِحَ: إنَّ جُرْحَهُ لِلسَّيِّدِ. ثُمَّ قَالَ: هُوَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا يَجْنِي جِنَايَةً، وَفِي يَدَيْهِ مَالٌ يَفْتَكُّ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ: إنَّ مَالَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي نِصْفِ الْجِنَايَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ مِنْهُ.

[جِنَايَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ]

فِي جِنَايَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَمَاتَ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ؟

قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَجِيزُوا الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَأَعْتِقُوا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ؟

قَالَ: إذَا خَدَمَهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ خَرَجَ جَمِيعُهُ حُرًّا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ. ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ الشَّهْرُ؟ قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: افْتَكُّوا خِدْمَتَهُ أَوْ أَسْلِمُوهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ افْتَكُّوهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>