مُقَارِضًا فِي الْأَلْفَيْنِ اللَّذَيْنِ أَخَذَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَتَجْعَلُ لِلْعَامِلِ صَاحِبِ الْأَلْفِ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْأَلْفِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِهِ، وَتَجْعَلُهُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْأَلْفَيْنِ مِنْ شَرِيكِهِ مُقَارَضَةً بِالسُّدُسِ، لِأَنَّهُ شَرَطَ نِصْفَ رِبْحِ الْأَلْفِ، فَكَانَ ثُلُثُ الرِّبْحِ لَهُ بِأَلْفِهِ، وَسُدُسُ رُبْعِ الْجَمِيعِ بِمَا عَمِلَ فِي رَأْسِ مَالِ صَاحِبِهِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْخُذْ الْأَلْفَيْنِ عَلَى الْقِرَاضِ، إنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ، فَيُحْمَلُ مَحْمَلَ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. وَلَا يَجْتَمِعُ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ: أُقَارِضُك بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُخْرِجَ مَنْ عِنْدِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، عَلَى أَنْ تَخْلِطَهَا بِأَلْفَيْ هَذِهِ نَعْمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا، فَكَرِهَ مَالِكٌ هَذِهِ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَتَكَ لَا تَكُونُ مُقَارَضَةً. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا رُبْعًا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ الرُّبْعِ فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ تِجَارَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ أَجْرٌ
[فِي الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَالِ يَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى يَدَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ]
ِ قُلْتُ: أَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَرَأْسُ مَالِهِمَا سَوَاءٌ، وَالرِّبْحُ عَلَى الْمَالِ وَالْوَضِيعَةِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ.
وَأَرَى إنْ كَانَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى يَدِهِ، هُوَ الَّذِي يَشْتَرِي وَيَبِيعُ دُونَ صَاحِبِهِ، فَأَرَى الشَّرِكَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ غَيْرَ جَائِزَةٍ، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَمَانَةِ أَيْضًا. وَهَذَا لَمْ يَأْتَمِنْ صَاحِبَهُ حِينَ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عِنْدَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَشْتَرِي وَيَبِيعُ دُونَ صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا، هُمَا اللَّذَانِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ، غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا الَّذِي يَكُونُ الْمَالُ فِي يَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ، فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا وَأَرَاهَا شَرِكَةً صَحِيحَةً
[اشْتَرَكَا وَرَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ وَفَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ]
فِي الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَالِ بِالسَّوِيَّةِ يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ وَفِي الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ الْغَائِبِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا وَرَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ، وَفَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: هَلْ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا، أَخْرَجَ هَذَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْرَجَ صَاحِبُهُ خَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ: لِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الَّذِي لَهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَخَرَجَ الَّذِي كَانَتْ أَلْفُهُ غَائِبَةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْأَلْفُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا لَهُ هُنَاكَ، لِيُجَهِّزَ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute