للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شَهِدُوا بِهَا بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ؟ قَالَ: فَإِنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُدَّتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ. سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّهُ قَضَى فِي شَهَادَةِ الْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُشْرِكِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ إذَا شَهِدَ بِهَا الْمَمْلُوكُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَالصَّغِيرُ بَعْدَ كِبَرِهِ، وَالْمُشْرِكُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا رُدَّتْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهِيَ مَرْدُودَةٌ أَبَدًا. وَقَالَهُ أَبُو الزِّنَادِ وَمَكْحُولٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ مِثْلَهُ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْمُشْرِكِ مِثْلَ قَوْلِ عُثْمَانَ.

[فِي شَهَادَةِ ذَوِي الْقَرَابَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ لِي أَبِي أَوْ ابْنِي، أَنَّ فُلَانًا هَذَا الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيَّ، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبِ لِابْنِهِ وَلَا شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ. قُلْتُ: تَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي شَهَادَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِجَدِّهِمْ، أَوْ شَهَادَةِ الْجَدِّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ السَّاعَةَ، وَلَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ.

قُلْتُ: فَهَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِمُكَاتَبِهِ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ، وَلَا أَرَاهَا جَائِزَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ، أَوْ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، أَتَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ. قُلْتُ: أَفَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأُمِّ لِابْنِهَا، أَوْ الِابْنِ لِأُمِّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَتَّهِمُ سَلَفُ الْمُسْلِمِينَ الصَّالِحُ شَهَادَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَلَا الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، وَلَا الْأَخِ لِأَخِيهِ، وَلَا الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَظَهَرَتْ مِنْهُمْ أُمُورٌ حَمَلَتْ الْوُلَاةَ عَلَى اتِّهَامِهِمْ، فَتَرَكَتْ شَهَادَةَ مَنْ يُتَّهَمُ إذَا كَانَتْ مِنْ قَرَابَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالْأَخِ وَالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ، لَمْ يُتَّهَمْ إلَّا هَؤُلَاءِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلُهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ شُرَيْحٍ الْكِنْدِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالزَّوْجَيْنِ وَالْأَخِ.

ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: هَؤُلَاءِ دَافِعُوا مَغْرَمٍ، فَلَمْ يَكُنْ يُجِزْ شَهَادَتَهُمْ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ وَالزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ. وَقَدْ قَالَ فِي الشَّهَادَاتِ: وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْهَا لِذَوِي الْقَرَابَاتِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالَ ذَلِكَ يَرْجِعُ كُلُّهُ إلَى جَرِّ الْمَرْءِ إلَى نَفْسِهِ وَدَفْعِهِ عَنْهَا، أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ وَلَدٌ لِوَالِدٍ وَلَا وَالِدٌ لِوَلَدٍ وَلَا زَوْجٌ لِامْرَأَتِهِ وَلَا امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا. مِنْ ذَلِكَ شَهَادَتُهُ لَهُ بِالْمَالِ وَشَهَادَتُهُ لَهُ بِالتَّعْدِيلِ، وَجُرْحَتُهُ عَنْهُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ دَفْعِهِ عَنْهُ وَدَفْعِهِ عَنْهُ جَرٌّ إلَيْهِ، وَذَلِكَ يَرْجِعُ إلَيْهِ أَنَّ الْمَرْءَ فِيمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِنْهُ كَأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَجُرُّ إلَيْهَا، وَالدَّفْعُ عَنْهَا جَرٌّ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَرَّ إلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُمْ، وَدَفْعُهُ عَنْهُمْ جَرٌّ إلَيْهِمْ وَجَرُّهُ إلَيْهِمْ لِمَوْضِعِهِمْ مِنْهُ جَرٌّ إلَى نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>