للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَحْفَظُ شَيْئًا مِنْ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَنَا فِي الْأَمْتِعَاتِ الَّتِي تُسْرَقُ بِمَكَّةَ: إنْ أَتَى رَجُلٌ فَاعْتَرَفَ الْمَتَاعَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَوَصَفَ الْمَتَاعَ اسْتَأْنَى الْإِمَامُ بِهِ. فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِفَتِهِ بَلْ هُوَ أَحْرَى أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ.

قُلْت: فَإِنْ ادَّعَى الْعَبْدُ وَصْفَهُ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَتَاعِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهِ الْإِمَامُ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ. فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ. قُلْت: وَلَا يُلْتَفَتُ هَهُنَا إلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا أَنَّ هَذَا سَيِّدُهُ إلَّا أَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ بِبَلَدٍ آخَرَ؟

قَالَ: يَكْتُبُ السُّلْطَانُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيَنْظُرُ فِي قَوْلِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ وَإِلَّا ضَمَّنَهُ هَذَا وَأَسْلَمَهُ إلَيْهِ، مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأَمْتِعَةِ.

[فِي اعْتِرَافِ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ دَابَّةً لَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَابَّتُهُ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا السُّلْطَانُ، فَادَّعَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّابَّةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَأَرَادَ أَنْ لَا يَذْهَبَ حَقُّهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ يُؤْمَرُ هَذَا الَّذِي كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ، فَتُوضَعُ الْقِيمَةُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَيُمَكِّنُهُ الْقَاضِي مِنْ الدَّابَّةِ وَيَطْبَعُ لَهُ فِي عُنُقِ الدَّابَّةِ، وَيَكْتُبُ لَهُ إلَى قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ كِتَابًا أَنِّي قَدْ حَكَمْت بِهَذِهِ الدَّابَّةِ. لِفُلَانٍ، فَاسْتَخْرِجْ لِفُلَانٍ مَالَهُ مِنْ بَائِعِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي ذَهَابِهِ أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ أُعْوِرَتْ أَوْ انْكَسَرَتْ فَهِيَ مِنْ الذَّاهِبِ بِهَا، وَالْقِيمَةُ الَّتِي وُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لِلَّذِي اعْتَرَفَهَا. قُلْت: إنْ أَنْقَصَهَا فِي ذَهَابِهِ أَوْ مَجِيئِهِ؟

قَالَ: كَذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ، الْقِيمَةُ لِهَذَا الَّذِي اعْتَرَفَهَا إلَّا أَنْ يَرُدَّ الدَّابَّةَ بِحَالِهَا. قُلْت: وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، كَذَلِكَ الرَّقِيقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً. فَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَكَانَ الَّذِي يَذْهَبُ بِهَا أَمِينًا لَا يَخَافُ عَلَى مِثْلِهِ أُعْطِيهَا وَذَهَبَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَمِينًا يَذْهَبُ بِهَا وَتَكُونُ مَعَهُ وَإِلَّا لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اعْتَرَفَهَا رَجُلٌ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ سَفَرٍ يُرِيدُ إفْرِيقِيَّةَ، فَاعْتَرَفَ دَابَّتَهُ بِالْفُسْطَاطِ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ فَاسْتَحَقَّهَا، فَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ: اشْتَرَيْتهَا مَنْ رَجُلٍ بِالشَّامِ أَتُمَكِّنُهُ مِنْ الدَّابَّةِ يَذْهَبُ بِهَا إلَى الشَّامِ وَيُعَوِّقُ هَذَا عَنْ سَفَرِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ هَذَا حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ، وَالْمُسَافِرُ فِي هَذَا وَغَيْرُ الْمُسَافِرِ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ لِهَذَا الْمُسَافِرِ: إنْ أَرَدْت أَنْ تَخْرُجَ فَاسْتَخْلِفْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِك. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ هَذَا الْمُسَافِرُ: إنِّي قَدْ اسْتَحْقَقْت دَابَّتِي، وَقَوْلُ هَذَا الَّذِي وَجَدْت دَابَّتِي فِي يَدَيْهِ إنَّهُ اشْتَرَاهَا بِالشَّامِ بَاطِلٌ، لَمْ يَشْتَرِهَا بِالشَّامِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَوِّقَنِي عَنْ سَفَرِي. أَيُقْبَلُ قَوْلُ الَّذِي اُعْتُرِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟

قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا. فَقَالَ: إذَا قَالَ صَاحِبُهَا اشْتَرَيْتهَا أُمْكِنَ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>