للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَّعِي قِبَلَ أَخِيهِ حَقًّا، فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: وَمَا تَصْنَعُ بِأَخِي احْلِفْ أَنَّ حَقَّكَ لَحَقٌّ وَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّمَا قُلْتُ لَكَ قَوْلًا وَلَا أَفْعَلُ وَلَا أَضْمَنُ، إنَّمَا تَبَرَّعْتُ بِهِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى رُجُوعِهِ هَذَا، فَإِذَا حَلَفَ ضَمِنَ حَقَّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي ضَامِنٌ بِمَا يُقْضَى لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا غَائِبَانِ جَمِيعًا، أَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ مَا لَكَ وَلِأَخِي، احْلِفْ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ الَّذِي تَدَّعِي قِبَلَهُ حَقٌّ وَأَنَا أَغْرَمُ لَكَ ذَلِكَ، فَرَضِيَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، فَنَزَعَ الَّذِي قَالَ احْلِفْ وَأَنَا أَضْمَنُ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ يَنْفَعُهُ نُزُوعُهُ، وَيَحْلِفُ هَذَا وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ وَيَغْرَمُهُ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا أَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ جَمِيعًا أَوْ حَاضِرَيْنِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: يَلْزَمُ الْمَعْرُوفُ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْكَفَالَةُ مَعْرُوفٌ وَهِيَ حَمَالَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ كَالدَّيْنِ، فَهَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ وَهَذَا رَأْيِي.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ؛ كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ

[فِي الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ لِرَجُلٍ بِحَمَالَةٍ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ غَائِبٌ عَنْهُمَا مَنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَهُ أَحَدٌ: اشْهَدُوا أَنِّي كَفِيلٌ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، أَيَلْزَمُهُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَرَاهُ لَازِمًا لَهُ.

[الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ قِبَلَهُ شَيْئًا ثُمَّ يُسْتَحَقُّ بَعْدَ مَوْتِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: مَا زَادَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ، فَمَاتَ الَّذِي قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ هَذَا قِبَلَ فُلَانٍ شَيْئًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّ قِبَلَهُ الْحَقَّ بَعْدَ مَوْتِ الَّذِي قَالَ أَنَا كَفِيلٌ، أَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا رَأْيِي

[فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ دَايِنْ فُلَانًا فَمَا ذَابَ لَكَ قِبَلَهُ فَأَنَا بِهِ حَمِيلٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ لِرَجُلٍ: بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْتَهُ بِهِ مَنْ شَيْءٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ، أَيَلْزَمُنِي هَذَا الضَّمَانُ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، يَلْزَمُكَ ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ مَا بَايَعَهُ بِهِ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ، كُلُّ مَا كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ بِمِثْلِهِ الْمَحْمُولُ عَنْهُ وَيُبَايِعَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>