قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ سَلَّفَ جِذْعًا فِي جِذْعٍ مِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ وَغِلَظِهِ وَطُولِهِ وَأَصْلُ مَا الْجِذْعَانِ مِنْهُ وَاحِدٌ وَهُمَا مِنْ النَّخْلِ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّجَرِ إذَا كَانَ أَصْلهُمَا وَاحِدًا وَصِفَتُهُمَا وَاحِدَةً فَسَلَّفَ الْجِذْعَ مِنْهُ فِي جِذْعٍ مِثْلِهِ نَظَرَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَنْفَعَةَ فِي الَّذِي أَسْلَفَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ بَطَلَ ذَلِكَ وَرُدَّ ذَلِكَ السَّلَفُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ إنَّمَا هِيَ لِلْمُسْتَلِفِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ أَمْضَى ذَلِكَ إلَى أَجَلِهِ قَالَ: وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِفَ الْجِذْعَ فِي الْجِذْعَيْنِ مِثْلِهِ مِنْ نَوْعِهِ إلَى أَجَلٍ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِمَ الْجِذْعَ فِي نِصْفِ جِذْعٍ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَعْطَاهُ جِذْعًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ نِصْفَ جِذْعٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَزِيدُ النِّصْفَ لِمَوْضِعِ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُسْلِفُ الثَّوْبَ أَوْ الرَّأْسَ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ أَوْ رَأْسٍ دُونَهُ إلَى أَجَلٍ: إنَّ ذَلِكَ لَا خَيْرَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَأَلْت عَنْ ثَوْبٍ شَطَوِيٍّ بِثَوْبَيْنِ شَطَوِيَّيْنِ مِنْ ضَرْبِهِ فَقَالَ: أَبَى ذَلِكَ النَّاسُ حَتَّى تَخْتَلِفَ الْأَشْيَاءُ وَحَتَّى يَكُونَ الثَّوْبُ الَّذِي يَأْخُذُ الرَّجُلُ مُخَالِفًا لِلَّذِي يُعْطِي، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَالرَّقِيقُ، وَإِنَّ النَّاقَةَ الْكَرِيمَةَ تُبَاعُ بِالْقَلَائِصِ إلَى أَجَلٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ الْفَارِهَ يُبَاعُ بِالْوُصَفَاءِ إلَى أَجَلٍ وَإِنَّ الشَّاةَ الْكَرِيمَةَ ذَاتَ اللَّبَنِ تُبَاعُ بِالْأَعْنَقِ مِنْ الشَّاةِ فَاَلَّذِي لَيْسَ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ مِنْهُ شَيْءٌ فِي شَأْنِ الْحَيَوَانِ وَالْبُزُوزِ وَالدَّوَابِّ أَنَّهُ مَنْ أَعْطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ فَلَيْسَ بِهَا بَأْسٌ.
قَالَ يَحْيَى: مَنْ ابْتَاعَ غُلَامًا حَاسِبًا كَاتِبًا بِوُصَفَاءَ يُسَمِّيهِمْ فَلْيُقَلِّلْ أَوْ يُكْثِرْ مِنْ الْبَرْبَرِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ إلَى أَجَلٍ فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ قَالَ: وَمَنْ بَاعَ غُلَامًا مُعَجَّلًا بِعَشَرَةِ أَفْرَاسٍ إلَى أَجَلٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا أَخَّرَ الْخَيْلَ وَانْتَقَدَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَالَ: فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
قَالَ يَحْيَى: سَأَلْتُ عَنْ رَجُلٍ سُلِّفَ فِي غُلَامٍ أَمْرَدَ جَسِيمٍ صَبِيحٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ أَمْرَدَ فَأَعْطَاهُ وَصِيفَيْنِ بِالْغُلَامِ الْأَمْرَدِ قَالَ: فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ الْغُلَامَ الْأَمْرَدَ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ إبِلًا أَوْ غَنَمًا أَوْ بَقَرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ وَبَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَهَذَا الْحَيَوَانُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
[التَّسْلِيفُ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ]
ِ قُلْت أَرَأَيْت إنْ سَلَّفْت فِي تَمْرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ فِي إبَّانِهِ وَاشْتَرَطْت الْأَخْذَ فِي إبَّانِهِ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَزْهَى ذَلِكَ الْحَائِطُ الَّذِي سُلِّفَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِفَ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ أَنْ يُزْهِيَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute