للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْعَبْدُ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمُرْتَدُّ يَعْقِدُونَ نِكَاحَ بَنَاتِهِمْ]

ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبِيدَ وَالْمُكَاتَبِينَ هَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُزَوِّجُوا بَنَاتِهِمْ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبِيدِ وَلَا لِلْمُكَاتَبِينَ أَنْ يَعْقِدُوا نِكَاحَ بَنَاتِهِمْ وَلَا أَخَوَاتِهِمْ وَلَا أُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ النَّصْرَانِيُّ نِكَاحَ الْمُسْلِمَةِ

قَالَ: وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ يَكُونُ لَهَا أَخٌ مُسْلِمٌ فَخَطَبَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَيَعْقِدُ نِكَاحَهَا هَذَا الْأَخُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ هِيَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهَا وَمَا لَهُ وَمَا لَهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {مَا لَكُمْ مِنْ وِلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٧٢] قُلْتُ: فَمَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا عَلَيْهَا أَهْلُ دِينِهَا أَمْ غَيْرُهُمْ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ يَعْقِدَ النَّصْرَانِيُّ نِكَاحَ وَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ لِمُسْلِمٍ إنْ شَاءَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَعْقِدُ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَلَا تَعْقِدُ النِّكَاحَ لِابْنَتِهَا وَلَكِنْ تَسْتَخْلِفُ رَجُلًا فَيُزَوِّجُهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَسْتَخْلِفَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ أَوْلِيَاءُ الْجَارِيَةِ حُضُورًا إذَا كَانَتْ وَصِيًّا لَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ وَالنَّصْرَانِيَّ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ بَعْضُهُ إذَا زَوَّجَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ بِرِضَاهَا وَابْنَةُ النَّصْرَانِيِّ مُسْلِمَةٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِمَّنْ يَعْقِدُونَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فُسِخَ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَانَ الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُرْتَدَّ هَلْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ عَلَى بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَعْقِدُ فِي رَأْيِي، أَلَا تَرَى أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تُؤْكَلُ وَأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا ذِمِّيَّا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهَا، فَالْمُرْتَدُّ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ عِنْدَ مَالِكٍ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ وِلَايَتَهُ قَدْ انْقَطَعَتْ حِينَ قَالَ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُهُمْ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ أَيَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَعْقِدُ لَهُ تَزْوِيجَ إمَائِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إذَا رَدَّ ذَلِكَ السَّيِّدُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ أَلَا تَرَى أَنَّ جَمِيعَ مَا سَمَّيْت لَك لَيْسَ وَلِيًّا وَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ إلَّا بِوَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَاقِدُهُ الَّذِي لَهُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ هُوَ ابْتَدَأَهُ لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ مُسْتَخْلَفَيْنِ عَلَى إنْكَاحِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ عَلَى مَنْ اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْوَلِيِّ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ بِتَزْوِيجِ وَلِيَّتِهِ، فَيَجُوزُ لَهُمَا الِاسْتِخْلَافُ عَلَى مَنْ يَعْقِدُ ذَلِكَ، بِذَلِكَ مَضَى الْأَمْرُ وَجَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ وَالسُّنَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>