وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ بِلَادٍ اُفْتُتِحَتْ عَنْوَةً وَأُقِرُّوا فِيهَا وَقَفَتْ الْأَرْضُ لِأُعْطِيَّاتِ الْمُسْلِمِينَ وَنَوَائِبِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي فِي قُرَاهُمْ الَّتِي أُقِرُّوا فِيهَا وَلَا مِنْ أَنْ يَتَّخِذُوا فِيهَا كَنَائِسَ؛ لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا فِيهَا عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَعَلَى مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِعْلُهُ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ خَرَاجُ قُرَاهُمْ الَّتِي أُقِرُّوا فِيهَا وَإِنَّمَا الْخَرَاجُ عَلَى الْأَرْضِ.
[بَابٌ فِي إجَارَة الْخَمْر]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُسْلِمًا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ يَحْمِلُ لَهُ خَمْرًا عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ أَمْ تَكُونُ لَهُ إجَارَةُ مِثْلِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَلَا أَرَى لَهُ أَنَا مِنْ الْإِجَارَةِ الَّتِي سَمَّى وَلَا مِنْ إجَارَةِ مِثْلِهِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَبِيعُ خَمْرًا قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ ثَمَنِهَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا فَالْكِرَاءُ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ الْإِجَارَةِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا. قُلْتُ: لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ آجَرَ حَانُوتَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ يَبِيعُ فِيهَا خَمْرًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَأَرَى الْإِجَارَةَ بَاطِلًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى كُلَّ مُسْلِمٍ آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ غُلَامَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ دَارِهِ أَوْ بَيْتَهُ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يَمْلِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْخَمْرِ فَلَا أَرَى لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَلَكِنْ يَفْعَلُ فِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ كُلْثُومٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا تُغْلِقْ عَلَيْكَ وَعَلَى الْخَمْرِ بَابَ دَارٍ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ كُلْثُومٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ غِلْمَانٍ لَهُ يَعْمَلُونَ بِالسُّوقِ عَلَى دَوَابّ لَهُ فَرُبَّمَا حَمَلْتُ خَمْرًا قَالَ: فَنَهَانِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ وَقَالَ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ فَلَا تَدْخُلْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَامِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنَّ لِي إبِلًا تَعْمَلُ فِي السُّوقِ رَيْعُهَا صَدَقَةٌ تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَإِذَا لَمْ تَجِدْ فَرُبَّمَا حَمَلَتْ خَمْرًا، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ ثَمَنُهَا وَلَا كِرَاؤُهَا وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا فِي شَيْءٍ كَانَ مِنْهَا فِيهِ سَبَبٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ هَلْ يُكْرِي الرَّجُلُ دَابَّتَهُ مِمَّنْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute