للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَ أَوْلَادَهَا وَقَدْ هَلَكَتْ أُمَّهَاتُهَا، فَمَا أَكَلَ أَوْ بَاعَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَوْلَادِ إذَا وَجَدَهُمْ، وَهُوَ رَأْيِي الَّذِي آخُذُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُغْتَصِبَ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ هَلَكَتْ أُمَّهَاتُهَا فَأَتَى رَبُّهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلَادَهَا، وَقِيمَةَ الْأُمِّ مِنْ الْمُغْتَصِبِ؟ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَوْلَادَ، وَيَتْبَعُ الْمُغْتَصِبُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، أَوْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَيَتْرُكُ الْوَلَدَ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْمُغْتَصِبِ قِيمَتُهَا وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ. فَالْمُغْتَصِبُ فِي مَوْتِ أُمَّهَاتِهَا وَمَنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُغْتَصِبِ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٌ. إذَا مَاتَتْ أُمَّهَاتُهَا، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ وَبَلَغَنِي مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ.

قُلْتُ: وَهَذِهِ النَّخْلُ وَهَذِهِ الشَّجَرُ وَهَذَا الْحَيَوَانُ الَّذِي غَصَبْتُهُ فَأَكَلْتُ ثَمَرَتَهُ، إنْ كُنْتُ قَدْ سَقَيْتُهُ وَعَالَجْتُهُ وَعَمِلْتُ فِيهِ وَرَعَيْتُ الْغَنَمَ وَأَنْفَقْتُ عَلَيْهَا فِي رِعَايَتِهَا وَمَصْلَحَتِهَا، أَيَكُونُ مَا أَنْفَقْتُ فِي ذَلِكَ لِي؟

قَالَ: لَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا أَنْفَقْتَ عَلَى النَّخْلِ، وَلَا فِيمَا رَعَيْتَ الْغَنَمَ، وَلَكِنْ يَكُونُ ذَلِكَ لَكَ فِيمَا عَلَيْكَ مِنْ قِيمَةِ الْغَلَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ مِمَّا اغْتَنَمْتَ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ دَابَّةً فَحَلَبَهَا أَشْهُرًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى رَبُّهَا فَاسْتَحَقَّهَا، أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا عَلِفَ وَسَقَى، وَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي.

[فِيمَنْ غَصَبَ دُورًا وَرَقِيقًا وَدَوَابَّ فَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدُّورَ وَالْعَبِيدَ إذَا غَصَبَهُمْ رَجُلٌ زَمَانًا، وَالْأَرْضِينَ فَاكْتَرَى ذَلِكَ كُلَّهُ، أَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ أَوْ سَكَنَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ، وَلَمْ يُكْرِ وَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَكَذَا وَكَذَا سَنَةٍ، أَيَكُونُ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءُ هَذِهِ الدُّورِ وَهَذِهِ الْأَرْضِينَ وَهَؤُلَاءِ الْعَبِيدِ هَذِهِ السِّنِينَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فَتُقِيمُ عِنْدَهُ أَشْهُرًا فَيَسْتَعْمِلُهَا: أَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهَا، فَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْحَيَوَانِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ، فَإِنْ كَانَ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَكَنَ وَلَا أَكْرَى وَلَا زَرَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْغَلَّةِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهُوَ أَحْسَنُ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَاهَا غَرِمَ مَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَكَنَ أَوْ زَرَعَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إنْ كَانَ اسْتَخْدَمَهُ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَاقِلَةَ، هَلْ تَحْمِلُ دِيَةَ الْعَبْدِ إذَا قَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الْعَبْدِ خَطَأً كَانَ أَوْ عَمْدًا عِنْدَ مَالِكٍ.

[فِيمَنْ اغْتَصَبَ دَارًا فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَانْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ سُكْنَى]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اغْتَصَبْت دَارًا فَلَمْ أَسْكُنْهَا، فَانْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ سُكْنَايَ، أَأَضْمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>