إلَى بَيْتِهِ، لَا تَكُونُ لَهُ نَفَقَةٌ. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: فَالرَّجُلُ يَقْدَمُ مَنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا فَيَسِيرُ إلَى بَلَدِهِ وَفِيهَا التِّجَارَةُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَهَابِهِ، وَلَا فِي إقَامَتِهِ فِي أَهْلِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِثْلَ الْحَاجِّ وَلَا الْغَازِي وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَتَجَهَّزُ بِمَالٍ أَخَذَهُ قِرَاضًا وَأَرَادَ سَفَرًا، فَتَكَارَى بِهِ وَاشْتَرَى ثِيَابًا لِنَفْسِهِ وَطَعَامًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَادَ الْخُرُوجَ، أَتَاهُ رَجُلٌ بِمَالٍ فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا قِرَاضًا فَكَيْفَ تَرَى أَنْ تَكُونَ لَهُ النَّفَقَةُ، مَنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ؟ أَمْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالَيْنِ جَمِيعًا؟ قَالَ: بَلْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالَيْنِ جَمِيعًا عَلَى قَدْرِهِمَا.
[الْمُقَارَضُ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ فِي الْقِرَاضِ حَتَّى يَقْدَمَ]
َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا، فَخَرَجَ بِهِ فَأَنْفَقَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ لِيَقْتَضِيَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، فَأَنْفَقَ ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى بِالْمَالِ الْقِرَاضِ سِلَعًا، فَاكْتَرَى لَهَا دَوَابَّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ السِّلَعَ وَزَادَ، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ
قُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَاشْتَرَى الْمُقَارَضُ بِجَمِيعِ الْمَالِ ثِيَابًا، ثُمَّ صَبَغَ الثِّيَابَ أَوْ قَصَّرَهَا بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، أَيَرْجِعُ بِهِ فِي ثَمَنِ الثِّيَابِ إذَا بَاعَ الثِّيَابَ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُقَارَضِ إذَا اشْتَرَى سِلَعًا بِمَالِ الْقِرَاضِ، فَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا زَادَ، وَتَكُونُ السِّلْعَةُ كُلُّهَا عَلَى الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَرِهَ رَبُّ الْمَالِ ذَلِكَ كَانَ الْعَامِلُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا زَادَ مِنْ مَالِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ، إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، ثُمَّ اشْتَرَى بِجَمِيعِهِ بَزًّا، ثُمَّ اكْتَرَى عَلَى الْبَزِّ مَنْ مَالِهِ، أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ؟ أَيَكُونُ شَرِيكًا بِالْكِرَاءِ أَمْ مَاذَا يَكُونُ، أَمْ تَرَاهُ دَيْنًا فِي الْمَالِ الْقِرَاضِ؟ قَالَ: أَرَاهُ دَيْنًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِهَذَا الْكِرَاءِ. قُلْتُ: فَإِنْ صَبَغَ الْبَزَّ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَى بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ بَزًّا قَالَ: أَمَّا الصَّبْغُ فَيُقَالُ لِرَبِّ الْمَالِ: ادْفَعْ إلَيْهِ الْمَالَ الَّذِي صَبَغَ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ شَرِيكًا مَعَكَ بِمَا صَبَغَ مِنْ الثِّيَابِ قَالَ: وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ لَكَ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الصَّبْغِ وَالْكِرَاءِ، أَنَّ الصَّبْغَ رَأْسُ مَالٍ، يُحْسَبُ لِلصَّبْغِ رَأْسُ مَالِهِ وَرِبْحُهُ، مِثْلَ مَا يُحْسَبُ لِرَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَالِ وَرِبْحِهِ إذَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً، وَلَمْ يُجْعَلْ لِلْكِرَاءِ رِبْحٌ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يُحْمَلُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمَالِ وَلَا يُجْعَلُ لِلْكِرَاءِ رِبْحٌ.
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْكِرَاءِ فِي الْمُرَابَحَةِ رِبْحٌ، لَمْ يَكُنْ بِهِ شَرِيكًا؛ لِأَنَّهُ غَيَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute