للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذُوا الْقِيمَةَ مِنْ السَّيِّدِ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى لَهُمْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْئًا إذَا أَبَى ذَلِكَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْحُرِّ إذَا عُفِيَ عَنْهُ عَلَى أَنْ يَتْبَعُوهُ بِالْجِنَايَةِ فَأَبَى، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوهُ قَتَلُوهُ، وَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَعْفُوَا عَنْهُ عَفَوَا، وَهَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَسْأَلَتِكَ.

قُلْتُ: فَإِنْ عَفَوْا عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا قِيمَتَهَا مِنْ السَّيِّدِ، فَأَبَى السَّيِّدُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُمْ الْقِيمَةَ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِيهَا، وَأَرَى لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا عَفَوْا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ السَّيِّدُ قِيمَتَهَا، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ رَجَعُوا عَلَى حُقُوقِهِمْ مِنْ الدَّمِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ عَفَوْا عَنْ الْقَاتِلِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ الدِّيَةَ فَأَبَى أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ أُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ، إنَّمَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَبْدِ. فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُخْرِجَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَغَيْرُ أَشْهَبَ أَيْضًا يَقُولُهُ وَهُوَ رَأْيِي سَحْنُونٌ: وَكَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ فِي الْحُرِّ: إنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ وَلَا يُقْتَلُ.

[أُمّ الْوَلَد أوالمدبرة تجرح رَجُلًا عَمْدًا فيعفو أولياء الدَّم عَلَى أَنْ يَكُون لَهُمْ رقبتها]

فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ تَجْرَحُ رَجُلًا عَمْدًا فَيَعْفُو أَوْلِيَاءُ الدَّمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ رَقَبَتُهَا قُلْتُ: فَإِنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرَةُ جِنَايَةً عَمْدًا، ثُمَّ عَفَا أَوْلِيَاءُ الدَّمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ رَقَبَةُ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ رَضِيَ السَّيِّدُ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ رَقَبَةَ الْمُدَبَّرِ فِي جِنَايَتِهِ، وَلَا رَقَبَةَ أُمِّ الْوَلَدِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُ، فَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ قَوْلَ مَالِكٍ فِيهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا قَتَلَ عَمْدًا، فَعَفَا أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا خِدْمَتَهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ؟

قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَفْتَدِيَ السَّيِّدُ خِدْمَتَهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ مَا أَخْبَرْتُكَ، وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ.

[أُمِّ الْوَلَدِ تَقْتُلُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ تَلِدُ بَعْدَمَا جَرَحَتْ]

فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَقْتُلُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ تَلِدُ بَعْدَمَا جَرَحَتْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا قَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً فَوَلَدَتْ بَعْدَمَا قَتَلَتْ، ثُمَّ قَامَ وَلِي الْجِنَايَةِ، أَيَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُخْرِجَ قِيمَتَهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا أَوْ قِيمَتُهَا وَحْدَهَا؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا وَاَلَّذِي بَلَغَنِي عَنْهُ. وَهَذَا عِنْدِي مِثْلُ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا، إنَّهُ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا قِيمَةُ الْأُمِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>