قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ يَفْسَخُ دَيْنًا فِي دَيْنِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَهُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا إلَى أَجَلٍ فَهَذَا رَجُلٌ حَطَّ خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ حَقِّهِ وَأَخَّرَهُ بِخَمْسِينَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي قِبَلَهُ يُنْكِرُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا؟
قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِي الْإِنْكَارِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ مِثْلُ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَدَّعِي إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدَّعِي الْحَقَّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمِائَةِ عُرُوضًا إلَى أَجَلٍ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَدَّعِي حَقٌّ، فَلَا يَصْلُحُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَفْسَخَ دَرَاهِمَ فِي عُرُوضٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي بَاطِلًا فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ هَمَّامٍ وَعُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» . ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا.
[مُصَالَحَة بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَنْ مَالِ الْمَيِّتِ]
رَسْمٌ فِي مُصَالَحَةِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَنْ مَالِ الْمَيِّتِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ خُلْطَةٌ فَادَّعَى وَلَدُ الْهَالِكِ أَنَّ لِأَبِيهِمْ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِمْ خُلْطَةٌ مَالًا فَأَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute