[وهب لابنه الصَّغِير وَلِأَجْنَبِيّ عَبْدًا لَهُ وَيَشْهَد لَهُمَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَقْبِض الْأَجْنَبِيّ حتي مَاتَ الواهب]
فِي الرَّجُلِ يَهَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ عَبْدًا لَهُ وَيُشْهِدُ لَهُمَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ وَلِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ عَبْدًا وَأَشْهَدْت لَهُمَا بِذَلِكَ، فَلَمْ يَقْبِضْ الْأَجْنَبِيُّ الْهِبَةَ حَتَّى مِتُّ، أَيَجُوزُ نِصْفُ الْعَبْدِ لِابْنِي أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ حَبْسًا وَأَشْهَدَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَهُمْ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، فَلَمْ يَقْبِضْ الْكِبَارُ الْحَبْسَ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ.
قَالَ مَالِكٌ: الْحَبْسُ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْكِبَارِ وَلَا لِلصِّغَارِ، لِأَنَّ الْكِبَارَ لَمْ يَقْبِضُوا الْحَبْسَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا نَعْرِفُ إنْفَاذَ الْحَبْسِ لِلصِّغَارِ هَهُنَا إلَّا بِحِيَازَةِ الْكِبَارِ، فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ. وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَهُ مِثْلَهُ إذَا حَبَسَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ كُلُّهُمْ، فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ لَهُمْ إذَا مَاتَ، فَالْحَبْسُ لَهُمْ جَائِزٌ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَنَصِيبُ الصَّغِيرِ جَائِزٌ وَنَصِيبُ الْكَبِيرِ غَيْرُ جَائِزٍ. وَإِذَا حَبَسَ فَالْحَبْسُ بَاطِلٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الصَّدَقَةَ تُقَسَّمُ إذَا كَانَتْ لَهُمْ وَتَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. فَمِنْ هُنَالِكَ تَمَّ لِلصَّغِيرِ مَا يَصِيرُ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ لَهُ جَائِزُ الْقَبْضِ، وَإِنَّ الْحَبْسَ لَوْ أُسْلِمَ إلَى مَنْ يَقْبِضُهُ لَهُمْ أَوْ أُسْلِمَ إلَى الْكَبِيرِ لَمْ تَجُزْ فِيهِ الْمُقَاسَمَةُ، وَإِنَّمَا يَبْقَى فِي أَيْدِيهِمَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ. فَمِنْ هُنَالِكَ لَمْ يَتِمَّ قَبْضُ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقَسَّمُ وَلَا يَجُزْ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ دَاعِيَةً إلَى أَنْ يَحْبِسَ الرَّجُلُ الْحَبْسَ عَلَى الْبَالِغِ، فَيَكُونُ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ يَنْفُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا نَعْرِفُ، إنْفَاذَ الْحَبْسِ وَلَا قَبْضِهِ إذَا كَانَ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ مِمَّا لَيْسَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يُقَسَّمَ وَيُجَزَّأُ، فَيَصِيرُ مَالًا لَهُمْ يَتَوَارَثُونَهُ وَيُبَاعُ إلَّا بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ يَدِي الَّذِي حَبَسَهُ وَيَقْبِضَ مِنْهُ وَيَبِينَ.
[فِي الرَّجُلِ يَهَبُ لِلرَّجُلِ الْأَرْضَ]
َ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِرَجُلٍ أَرْضًا، كَيْفَ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: الْحِيَازَةُ إذَا حَازَهَا فَقَدْ قَبَضَهَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ بِأَرْضٍ لِي بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَأَنَا وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ قَبِلْتُ وَقَبَضْتُ، أَيَكُونُ هَذَا قَبْضًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ قَبْضًا إلَّا بِالْحِيَازَةِ. وَقَوْلُهُ: قَدْ قَبَضْتُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ، لَا يَكُونُ هَذَا قَبْضًا لِأَنِّي سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْحَبْسِ يَحْبِسُهُ الرَّجُلُ وَيَكْتُبُ فِي حَبْسِهِ قَدْ قَبَضُوا ذَلِكَ وَيُشْهِدُ الشُّهُودَ عَلَى الْكِتَابِ وَعَلَى قَوْلِهِ فَيَهْلَك صَاحِبُ الْحَبْسِ فَيُسْأَلُ الشُّهُودُ هَلْ قَبَضُوا فَقَالُوا: إنَّمَا شَهِدْنَا عَلَى إقْرَارِهِ وَلَا نَدْرِي هَلْ قَبَضُوا أَوْ لَمْ يَقْبِضُوا. قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَنْفَعُهُمْ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُمْ قَبَضُوا أَوْ حَازُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute