للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَتَاعَ، أَفَيُقْطَعُ بَعْدَ رَدِّ الْمَتَاعِ؟

قَالَ: نَعَمْ يُقْطَعُ، رَدَّ الْمَتَاعَ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ وَذَلِكَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَيُقْطَعُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَطَعَهُ فِي سَرِقَةٍ، أَيَكُونُ هَذَا الْقَطْعُ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ مَنْ كُلِّ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، وَلِكُلِّ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ مِنْ قَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ جِنَايَةِ عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضُرِبَ فِي شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا فَهُوَ. لِمَا كَانَ قَبْلَهُ، فَإِنْ فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا أُقِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهَذَا الضَّرْبُ وَالْقَطْعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ لِمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ رَفَعَهُ هَذَا الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَقَطَعَهُ وَلَا مَالَ عِنْدَهُ إلَّا قِيمَةُ سِلْعَتِهِ الَّتِي سَرَقَ، وَقَدْ كَانَ سَرَقَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ نَاسٍ شَتَّى، فَلَمَّا قُطِعَ لِهَذَا الَّذِي رَفَعَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَتَاعِهِ، قَدِمَ الَّذِينَ سَرَقَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَامُوا عَلَى هَذِهِ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا هَذَا الَّذِي قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ؟ قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ ذَلِكَ الْيُسْرُ الَّذِي وَجَدَهُ عِنْدَهُ لَمْ يَزَلْ دَائِمًا مُنْذُ سَرَقَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ فَإِنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ يُسْرًا حَدَثَ نُظِرَ إلَى كُلِّ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا فِي يُسْرِهِ ذَلِكَ الَّذِي حَدَثَ، فَكَانُوا فِي هَذِهِ الْقِيمَةِ شُرَكَاءَ، يُضْرَبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقِيمَةِ سَرِقَتِهِ، وَلَيْسَ لِلَّذِينَ سُرِقَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ الْيُسْرِ فِي هَذِهِ الْقِيمَةِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، لِأَنَّ هَذَا يُسْرٌ حَدَثَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ لَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا الْيُسْرِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَدْخُلُ مَعَ هَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْقِيمَةِ لَوْ أَنَّ يُسْرَهُ تَمَادَى بِهِ مِنْ يَوْمِ سَرَقَ مِنْهُ إلَى يَوْمِ قُطِعَ. قُلْت: وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ قَضَى لَهُ بِالْقِيمَةِ وَأَصْحَابُهُ غُيَّبٌ فَيَجْعَلُهَا لَهُ دُونَهُمْ، لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ لَهُ بِهَا دُونَهُمْ؟

قَالَ: لَا، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةٍ رَجُلٍ فَلَّسَ، وَلِرَجُلِ غَائِبٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَى هَؤُلَاءِ الْحُضُورَ وَتَرَكَ الْغَائِبَ وَقَدِمَ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيمَا أَخَذَ هَؤُلَاءِ الْحُضُورُ، يُضْرَبُ فِي ذَلِكَ بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ. وَلَوْ دَايَنَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ بَعْدَ إفْلَاسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ فِي مَالِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ فَلَّسُوهُ وَقَسَّمَ لَهُمْ مَالَهُ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ.

[الِاخْتِلَافُ فِي السَّرِقَةِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ سَرَقَ سَرِقَةً فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قِيمَةِ السَّرِقَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دِرْهَمَانِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ تِلْكَ السِّلْعَةِ، أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ. قُلْت: أَيُقْطَعُ بِقِيمَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؟

قَالَ: لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُقَوِّمَهَا رَجُلَانِ عَدْلَانِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا شَهِدَ عَلَى قِيمَتِهَا رَجُلَانِ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ تِلْكَ السِّلْعَةِ قُطِعَتْ يَدُهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي، أَيَأْمُرُ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُمْ فِي السِّرِّ، فَإِنْ زُكُّوا سَأَلَ عَنْهُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَسْأَلُ عَنْهُمْ، فَإِنْ زُكُّوا أَجَازَ شَهَادَتَهُمْ وَلَا أُبَالِي فِي السِّرِّ سَأَلَ عَنْهُمْ أَوْ فِي الْعَلَانِيَةِ، إذَا زُكُّوا، إنْ شَاءَ فِي السِّرِّ وَإِنْ شَاءَ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَحُكِمَ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا كَانَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>