قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِلَا مَهْرٍ، فَفَعَلَا وَوَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى هَذَا وَدَخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِامْرَأَتِهِ قَالَ: أَرَى أَنْ يُجَازَ نِكَاحُ الَّذِي سَمَّى لَهَا الْمَهْرَ وَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالشِّغَارُ إذَا دَخَلَ بِهَا فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا يُقِيمُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى حَالٍ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَيُفْرَضُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، قَالَ مَالِكٌ: وَشِغَارُ الْعَبِيدِ كَشِغَارِ الْأَحْرَارِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلًا بِصَدَاقٍ مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ زَوَّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ بِصَدَاقٍ خَمْسِينَ دِينَارٍ قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَرَآهُ مِنْ وَجْهِ الشِّغَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُفْسَخُ هَذَا النِّكَاحُ مَا لَمْ يَدْخُلَا، فَإِنْ دَخَلَا لَمْ يُفْسَخْ وَكَانَ لِلْمَرْأَتَيْنِ صَدَاقُ مِثْلِهِمَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ أَيُجْعَلُ لَهُمَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَمَّيَا، أَمْ يُجْعَلُ لَهُمَا صَدَاقُ مِثْلِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ مِثْلِهَا قَالَ: قَالَ: لِي مَالِكٌ: فِي الشِّغَارِ يُفْرَضُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إذَا وَطِئَهَا، فَأَرَى هَذَا أَيْضًا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُفْرَضُ لَهُمَا صَدَاقُ مِثْلِهِمَا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا سَمَّيَا قَالَ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّيَا أَكْثَرَ فَلَا يُنْقِصَا مِنْ التَّسْمِيَةِ.
[إنْكَاحُ الْأَبِ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ رَدَّتْ الرِّجَالَ رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُجْبِرُ أَحَدٌ أَحَدًا عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَفِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَفِي أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَالْوَلِيُّ فِي يَتِيمِهِ، قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكًا وَأَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: إنَّ لِي ابْنَةَ أَخٍ وَهِيَ بِكْرٌ وَهِيَ سَفِيهَةٌ وَقَدْ أَرَدْت أَنْ أُزَوِّجَهَا مَنْ يُحْصِنُهَا وَيَكْفُلُهَا فَأَبَتْ قَالَ مَالِكٌ: لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ: إنَّهَا سَفِيهَةٌ فِي حَالِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَيْسَ لَك أَنْ تُزَوِّجَهَا إلَّا بِرِضَاهَا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ أَبُوهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ يَجُوزُ عَلَيْهَا إنْكَاحُ الْأَبِ، فَأَرَى أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهَا الْأَبُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ إنَّمَا زَوَّجَهَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهَا، قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا امْرَأَةٌ وَلَهَا ابْنَةٌ فِي حِجْرِهَا وَقَدْ طَلَّقَ الْأُمَّ زَوْجُهَا عَنْ ابْنَةٍ لَهُ مِنْهَا، فَأَرَادَ الْأَبُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَأَبَتْ فَأَتَتْ الْأُمُّ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ لَهُ إنَّ لِي ابْنَةً وَهِيَ مُوسِرَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا وَقَدْ أُصْدِقَتْ صَدَاقًا كَثِيرًا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ مُعْدَمًا لَا شَيْءَ لَهُ أَفَتَرَى أَنْ أَتَكَلَّمَ؟
قَالَ: نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى أَنَّ إنْكَاحَ الْأَبِ إيَّاهَا جَائِزٌ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَيُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute