ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ السُّعَاةِ أَنْ يَنْهَوْا أَهْلَ عَمَلِهِمْ عَنْ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَيُنْكِحَهُ الْآخَرُ امْرَأَةً بُضْعُ إحْدَاهُمَا بِبُضْعِ الْأُخْرَى بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُنْكِحُ الرَّجُلَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْآخَرُ امْرَأَةً وَلَا مَهْرَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَدْخُلَا بِهِمَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَشِغَارُ الْعَبْدَيْنِ مِثْلُ شِغَارِ الْحُرَّيْنِ لَا يَنْبَغِي وَلَا يَجُوزُ
قَالَ سَحْنُونٌ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ رُوَاةِ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ إجَازَتُهُ، فَالْفَسْخُ فِيهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا مِيرَاثَ فِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الشِّغَارِ وَمَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى حُجَّةٍ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ قَالَ: زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِمِائَةِ دِينَارٍ إنْ دَخَلَا أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إنْ دَخَلَا، وَأَرَى أَنْ يُفْرَضَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ قَدْ فُرِضَا وَالشِّغَارُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ هُوَ الَّذِي لَا صَدَاقَ فِيهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ صَدَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّيَا قَالَ: يَكُونُ لَهُمَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَمَّيَا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّيَا قُلْتُ: وَلِمَ أَجَزْته حِينَ دَخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِامْرَأَتِهِ؟
قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ بِمَا سَمَّيَا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَبُضْعِ الْأُخْرَى، وَالْبُضْعُ لَا يَكُونُ صَدَاقًا، فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِي الصَّدَاقِ مَا يَكُونُ مَهْرًا وَمَا لَا يَكُونُ مَهْرًا أَبْطَلْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَجَعَلْنَا لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ أَدْرَكْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَسَخْت هَذَا النِّكَاحَ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُفْسَخَ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَا سَمَّيَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَجُعِلَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا نَعُدُّهَا فَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ نَقْدًا وَبِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ، ثُمَّ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمِائَةِ لَمْ يُنْقَصْ مِنْ الْمِائَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ عِنْدِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ أُبْطِلَ الْحَرَامُ وَأُجِيزَ مِنْهُ الْحَلَالُ وَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا خَالَعَهَا عَلَى حَرَامٍ كُلِّهِ مِثْلِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالرِّبَا فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ خَالَعَهَا عَلَى ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ عَبْدٍ لَهَا آبِقٍ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ أَخْذُ الْجَنِينِ إذَا وَضَعَتْهُ أُمُّهُ وَأَخْذُ الثَّمَرِ وَطَلَبُ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute