دَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ الصُّلْحِ مَكَانَهَا، أَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ ثُمَّ دَخَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِهَا ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، فَلَمَّا دَخَلَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَخَافَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ دَعَاهَا إلَى أَنْ يُصَالِحَهَا فِرَارًا مِنْ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ، فَصَالَحَتْهُ بِذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، أَيَجُوزُ لَهُ هَذَا الصُّلْحُ وَلَا يَكُونُ حَانِثًا إنْ لَمْ يَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَكُونُ حَانِثًا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: لِمَ يَكُونُ بِئْسَمَا صَنَعَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْحِنْثِ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ بِئْسَمَا صَنَعَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ لَمْ أَرَهُ حَانِثًا؛ لِأَنَّهُ مَضَى الْوَقْتُ وَلَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَا مَضَى الْوَقْتُ، فَلَمْ يَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ، أَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.
[جَامِعُ الصُّلْحِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى طَعَامٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِذَلِكَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا؟ ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ؟
قَالَ: أَكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدِي مَحْمَلُ الْبُيُوعِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اصْطَلَحَ عَلَى دَيْنٍ فَبَاعَهُ مِنْهَا بِعَرَضٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا وَالْبَيْعُ سَوَاءٌ وَيَرْجِعُ فَيَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ، فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَالَحَهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ عَلَى أَنْ أَعْجَلَتْ لَهُ ذَلِكَ الدَّيْنَ قَبْلَ الْأَجَلِ، قَالَ مَالِكٌ: فَالدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي صَالَحَهَا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ عَلَى أَنْ لَا تَدْفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ إلَّا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، فَهُوَ حَالٌّ وَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالْأَجَلُ فِيهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي كُلِّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ بِالصُّلْحِ فِيهَا حَلَالٌ وَحَرَامٌ إنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ، وَالْحَلَالُ مِنْهَا يَثْبُتُ وَالْحَرَامُ بَاطِلٌ، وَالشَّرْطُ فِي مَسْأَلَتِكَ فِي تَأْخِيرِ الْعَبْدِ لَا يَصْلُحُ وَالصُّلْحُ عَلَى الْعَبْدِ جَائِزٌ فَطَرَحْنَا مِنْ هَذَا مَا لَا يَصْلُحُ وَجَوَّزْنَا مِنْهُ مَا يَصْلُحُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ صَالَحَهَا عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُتْبِعَهَا مِنْهَا بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِثْلُ الْبُيُوعِ وَهَذَا يَصِيرُ دَيْنًا بِدِينٍ.