للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَيْع الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ]

فِي بَيْعِ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً مُصَرَّاةً فَحَلَبْتُهَا ثُمَّ حَبَسْتُهَا حَتَّى حَلَبْتُهَا الثَّانِيَةَ ثُمَّ جِئْت لِأَرُدَّهَا أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ لَكَ أَنْ تَرُدَّهَا وَإِنَّمَا يَخْتَبِرُ ذَلِكَ النَّاسُ بِالْحِلَابِ الثَّانِي وَلَا يُعْرَفُ بِالْأَوَّلِ.

قُلْتُ: فَإِنْ حَلَبْتُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟

قَالَ: إذَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ أَنَّهُ قَدْ اخْتَبَرَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَمَا حَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ رِضًا مِنْهُ بِالشَّاةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، قَالَ: وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت شَاةً عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ قِسْطًا؟ قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ فِي رَأْيِي، وَتُجَرَّبُ الشَّاةُ فَإِنْ كَانَتْ تَحْلُبُ قِسْطًا وَإِلَّا رَدَّهَا، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُدَّ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَمْ تَشْتَرِطْ فِيهَا أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا» وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا وَهِيَ مُصَرَّاةٌ فَهَذِهِ أَحْرَى أَنْ يَرُدَّهَا إذَا اشْتَرَطَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ رَضِيَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» .

قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: أَتَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ مَالِكٌ: أَوْ لِأَحَدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأْيٌ؟ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا آخُذُ بِهِ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: وَأَرَى لِأَهْلِ الْبُلْدَانِ إذَا نَزَلَ بِهِمْ هَذَا أَنْ يُعْطُوا الصَّاعَ مِنْ عَيْشِهِمْ وَمِصْرُ الْحِنْطَةُ هِيَ عَيْشُهُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُصَرَّاةَ مَا هِيَ؟

قَالَ: الَّتِي يُتْرَكُ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا، ثُمَّ تُبَاعُ وَقَدْ رُدَّتْ لِحِلَابِهَا، فَلَا يَحْلُبُوهَا، فَهَذِهِ الْمُصَرَّاةُ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا حَتَّى عَظُمَ ضَرْعُهَا وَحُسْنُ دَرُّهَا فَأَنْفَقُوهَا بِذَلِكَ، فَالْمُشْتَرِي إذَا حَلَبَهَا إنْ رَضِيَ حِلَابَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا مَكَانَ حِلَابِهَا صَاعًا، وَقَدْ وَصَفْتُ لَك الصَّاعَ الَّذِي يُرَدُّ عِنْدَ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ فِي هَذَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ أَنَّ زِيَادَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لَأَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ حَطَبًا مِثْلَ هَذَا الْأَمْرَخِ يَعْنِي جَبَلَ الْفُسْطَاطِ، ثُمَّ يُحْرَقُ بِالنَّارِ حَتَّى إذَا أَكَلَ بَعْضُهُ بَعْضًا طُرِحَ فِيهِ حَتَّى إذَا احْتَرَقَ دُقَّ حَتَّى يَكُونَ رَمِيمًا، ثُمَّ يُذْرَى فِي الرِّيحِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ إحْدَى ثَلَاثٍ: يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، أَوْ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، أَوْ يُصِرُّ مِنْحَةً.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَبَهَا فَلَمْ يَرْضَ حِلَابَهَا فَأَرَادَ رَدَّهَا وَاللَّبَنُ قَائِمٌ لَمْ يَأْكُلْهُ وَلَمْ يَبِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>