بَعْدَهُ، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ أَرْبَابَ الْبَيْتِ إذَا كَانُوا فِي الْبَيْتِ - نِيَامًا كَانُوا أَوْ غَيْرَ نِيَامٍ - فَإِنَّ السَّارِقَ لَا يَضْمَنُ مَا ذَهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مِنْ هَذَا إذَا تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ أَرْبَابُ الْبَيْتِ فِي الْبَيْتِ.
قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ بَيْتٌ تَسْكُنُهُ امْرَأَةٌ، فَخَرَجَتْ إلَى جَارَةٍ لَهَا زَائِرَةً وَأَغْلَقَتْ عَلَى مَتَاعِهَا الْبَابَ، فَأَتَى السَّارِقُ وَفَتَحَ الْبَابَ وَسَرَقَ مَا فِيهِ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا، فَسُرِقَ مَا بَقِيَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَهُ، أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَالْحَوَانِيتُ إنْ سَرَقَ مِنْهَا رَجُلٌ بِاللَّيْلِ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَسُرِقَ مَا فِي الْحَوَانِيتِ بَعْدَهُ، أَيَضْمَنُ السَّارِقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَالْحَوَانِيتُ مَسْكُونَةٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَيْسَتْ مَسْكُونَةً.
[فَتَحَ قَفَصًا فِيهِ طَيْرٌ أَوْ قَيْدًا فِيهِ عَبْدٌ فَذَهَبَ الطَّيْرُ وَهَرَبَ الْعَبْدُ]
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَتَيْت إلَى قَفَصٍ فِيهِ طَيْرٌ، فَفَتَحْت بَابَ الْقَفَصِ. فَذَهَبَ الطَّيْرُ، أَأَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ضَامِنٌ فِي رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى عَبْدٍ لِي قَدْ قَيَّدْتُهُ أَخَافُ إبَاقَهُ، فَحَلَّ قَيْدَهُ فَذَهَبَ الْعَبْدُ، أَيَضْمَنُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَضْمَنُهُ فِي رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَرَّفَهَا سَنَةً فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَتَى صَاحِبُهَا وَهِيَ فِي أَيْدِي الْمَسَاكِينِ، أَيَكُونُ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَهِيَ فِي أَيْدِي الْمَسَاكِينِ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ فَأَتَى رَبُّهَا فَأَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُمْ؟
قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْهِبَةِ: إذَا اسْتَحَقَّهَا صَاحِبُهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ وَقَدْ أَكَلَهَا، إنَّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهَا؟
قَالَ: لَيْسَتْ اللُّقَطَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا فِي اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ شَأْنُهُ بِهَا. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ