للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُشْبِهُ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدِي، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ، يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ لِضِيقِ دَارِهِ فَيُثَمِّنُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. قُلْت: وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ؟

قَالَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا فِيمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ؟

قَالَ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ وَهَذَا رَأْيِي.

[بَابُ عُهْدَةِ الشَّفِيعِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنَّ اشْتَرَيْت شِقْصًا فِي دَارٍ، فَلَمْ أَقْبِضْ الشِّقْصَ وَلَمْ أَدْفَعْ الثَّمَنَ حَتَّى قَامَ الشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ يَأْخُذُ الدَّارَ؟ وَإِلَى مَنْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ؟ وَعَلَى مَنْ تَكُونُ عُهْدَتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَذَ شِقْصًا فِي دَارٍ بِشُفْعَةٍ، فَإِنَّمَا عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ.

قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ عِنْدَ مَالِكٍ، قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْت عَنْهُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ: أَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ فِي أَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَنَّ الشَّفِيعَ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ يَبِيعُ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ سَيِّئُ الْمُخَالَطَةِ، وَلَمْ أَدْرِ مَا يَلْحَقُ الدَّارَ وَقَالَ هُوَ: مِدْيَانٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَأَحْبَبْت أَنْ تَكُونَ تَبَاعَتِي عَلَى ثِقَةٍ. فَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ هَذَا لَهُ حُجَّةٌ، وَأَنَّهُ جَعَلَ تِبَاعَةَ هَذَا الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي، كَيْفَ يَصْنَعُ هَذَا الشَّفِيعُ؟

قَالَ: يَنْظُرُ فِيهِ السُّلْطَانُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَمْ يَنْقُدْهُ، أَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبْضِ الدَّارِ حَتَّى يَنْتَقِدَ الثَّمَنَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ: هَذَا الثَّمَنُ وَادْفَعُوا إلَيَّ الدَّارَ، وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَا أَدْفَعُ الدَّارَ حَتَّى أُنْتَقَدَ الثَّمَنُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهَذَا الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْبَائِعِ؟

قَالَ: لَا تُؤْخَذُ الدَّارُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ بَائِعِهَا حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ.

قَالَ: فَإِنْ أَحَبَّ الشَّفِيعُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ، دَفَعَ وَقَبَضَ الدَّارَ وَتَكُونُ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ دَفْعَهُ الثَّمَنَ هَهُنَا إنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدِي.

قُلْت: فَإِنْ كَانَ عَلَى مُشْتَرِي الدَّارِ دَيْنٌ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَقَالَ الْغُرَمَاءُ: نَحْنُ نُرِيدُ دَيْنَنَا، وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: لَا أَدْفَعُ الدَّارَ حَتَّى اُسْتُوْفِيَ ثَمَنَهَا؟

قَالَ: يُقَالُ لِلشَّفِيعِ: ادْفَعْ الثَّمَنَ إلَى رَبِّ الدَّارِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي وَاقْبِضْ الدَّارَ. وَلَا يَكُونُ هَهُنَا لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ بَائِعَ الدَّارِ، لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الدَّارَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ يَقُولُ: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ، وَإِنَّمَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ لِأَقْبِضَ الدَّارَ بِشُفْعَتِي، فَلَا يَكُونُ هَهُنَا لِلْغُرَمَاءِ شَيْءٌ. وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ، لَوْ أَسْلَمَهَا بِيعَتْ الدَّارُ، فَأَعْطَى صَاحِبَ الدَّارِ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ الدَّارُ، وَكَانَ أَحَقَّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنْ يَقُومَ بِهِ الْغُرَمَاءُ فَيُفَلِّسُونَهُ، فَيَكُونُ رَبُّ الدَّارِ أَوْلَى بِدَارِهِ، إلَّا أَنْ يَضْمَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>